للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبد العزيز غُنَيم، ومُحمَّد أحمد عاشور، ومحمد إبراهيم البَنَّا.

لكنهم اعْتَمَدوا على نُسخةِ الأزْهرِ، وهي نسخةٌ قديمةٌ وجَيِّدةٌ، لكن بمقارنتها بِبَقِيَّةِ النُّسَخِ فإنَّهَا يَكْثُر فيها السَّقْطُ والتَّصْحِيفُ (١).

وقد تَعَقَّبَ الدكتورُ إسماعيلُ عبد العالِ هذه الطَّبْعَة في كتابه "ابن كَثيرٍ ومنْهَجهُ في التَّفْسيرِ" (٢) ثُمَّ قَالَ:

"وأرَى مِنْ الواجبِ عَلَى مَنْ يَتصدَّى لتحقيقِ تفسيرِ ابْنِ كثيرِ-تحقيقًا عِلْميا دَقِيقًا سَلِيمًا مِنَ المآخِذ-ألا يَعْتمِد عَلَى نُسْخَةٍ واحِدَةٍ، بل عليه أن يَجْمَعَ كُلَّ النُّسَخِ المخطوطةِ والمطبوعةِ، ويُوازِنَ بينها مع إثباتِ الزِّيادةِ والنَقْصِ، والتَّحريفِ والتَّصحيفِ".

وكُنْتُ مُنْذُ خَمْسِ سَنَواتٍ قد بَدَأتُ الْعَمَلَ عَلَى تَحْقِيقِ هَذَا الْكِتابِ بِجَمْعِ مَخْطوطاتِهِ، وَتَوْثِيقِ نُصُوصِهِ وإصْلاحِ ما وَقَعَ في طَبَعاتهِ السَّابقةِ مِنْ تَحْريفٍ ونَقْصٍ، حتى خَرَجَ في هَيْئةٍ أحْسَبُ أنها أقْرَبُ ما تَكُونُ إلى ما أرَادَهُ المُصَنِّفُ .

وقد سَاعَدنِي في كثيرٍ مِنَ مراحلِ الْعَملِ إخْوةٌ أفَاضِلُ، فَلَهُمْ مِنِّي خَالصُ الدُّعاءِ وجَزِيلُ الشُّكْرِ.

وبعد:

فقد مَرَّتْ عليَّ أثناء الْعَملِ في هذا الكِتابِ سُنونَ شَديدةٌ، اللهُ وحدَهُ بها عَلِيمٌ، قَاسَيتُ فيها شَدائدَ، وواجَهْتُ فيها عَقَباتٍ، إلا أنَّ هِمَّتِي أَبَتْ إلا إتْمامَهُ، ونَفْسِي تَاقتْ إلى التَّشَرُّفِ بخِدْمَتِهِ.

وقد كَابدتُ في هَذا الكتابِ جَهْدِي، وبَذَلْتُ فيه مَالِي، واسْتنفَقْتُ له وَقْتِي، فكَمْ من لَيالٍ أنْفقتُهَا في تَصْويبِ تَحْريفٍ، أو تَقْويمِ تَصْحيفٍ.

أقولُ ذلك ملتمِسًا العُذْرَ مِنْ عالِمٍ سَقَط عَلَى زَلَلٍ، أو قارئٍ وَقَعَ على خَطَأ، فَمِثْلُ هذَا العَمَلِ الكبِيرِ لا بُدَّ أنْ تَظْهرَ فيهِ بَعْضُ الأخطاءِ المطبعيةِ، والأوْهامِ الْيَسِيرةِ، وصَدَقَ المُزَنيُّ -حين قال: "لَوْ عُورضَ كتابٌ سَبْعينَ مرةً لَوُجِدَ فيه خَطَأ، أبَى اللهُ أن يكون صَحِيحًا غَيْر كِتابِهِ"، فالمرْجُو من أهْلِ العِلْمِ أن يُرْسِلُوا لِي ما لَدَيْهِم من مُلاحظاتٍ أو اسْتِدْراكٍ أو تَعْقِيبٍ حتى أتدَاركَ ذلك في الطبعةِ اللاحقةِ إن شَاءَ اللهُ.

ولا أنْسَى في خِتَامِ كَلِمَتي أنْ أرْفَعَ شُكْرِي إلى مَقَامِ والديَّ الَّلذَيْنِ كان لهما الفَضْلُ في تَنْشِئَتِي، وإرْشَادِي إلى العِلْمِ وحُبِّهِ، والاجْتِهادِ فِي طَلَبِهِ: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا﴾ [نوح: ٢٨].


(١) وقد سدت هذه الطبعة فراغًا آنذاك، ولكن يتعين بعد اليوم عدم اعتمادها في دراسة أو قراءة لكثرة ما فيها من السقط والأوهام.
(٢) ص ١٢٨.

<<  <  ج:
ص:  >  >>