للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال العَوْفي، عن ابن عباس في قوله: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) قال: قالوا في الغرف من الجنة، وكان حسابهم أن (١) عُرضوا على ربهم عرضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وهو مثل قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق: ٧ - ٩].

وقال قتادة في قوله: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) أي: مأوى ومنزلا قال قتادة: وحَدّث صفوان بن مُحْرِز أنه قال: يجاء يوم القيامة برجلين، أحدهما كان ملكا (٢) في الدنيا إلى الحمرة والبياض فيحاسب، فإذا عبدٌ، لم يعمل خيرا فيؤمر به إلى النار. والآخر كان صاحب كساء في الدنيا، فيحاسب فيقول: يا رب، ما أعطيتني من شيء فتحاسبني به. فيقول: صدق عبدي، فأرسلوه. فيؤمر به إلى الجنة، ثم يتركان ما شاء الله. ثم يدعى صاحب (٣) النار، فإذا هو مثل الحُمَمة (٤) السوداء، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: شر مَقيل. فيقال (٥) له: عد (٦) ثم يُدعَى بصاحب الجنة، فإذا هو مثل القمر ليلة البدر، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: رب، خير مَقيل. فيقال له: عد. رواها ابن أبي حاتم كلها.

وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أنبأنا عمرو بن الحارث، أن سعيدًا (٧) الصوَّاف حدثه، أنه بلغه: أن يوم القيامة يقصر على المؤمن (٨) حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وأنهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس، وذلك (٩) قوله تعالى: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) (١٠).

﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (٢٧) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا (٢٩)﴾.

يخبر تعالى عن هَول يوم القيامة، وما يكون فيه من الأمور العظيمة، فمنها انشقاق (١١) السماء وتفطرها وانفراجها بالغمام، وهو ظُلَل (١٢) النور العظيم الذي يبهر الأبصار، ونزول ملائكة السموات يومئذ، فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر. ثم يجيء الرب لفصل القضاء.

قال مجاهد: وهذا كما قال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ [البقرة: ٢١٠].


(١) في أ: "إذ".
(٢) في أ: "ملك".
(٣) في أ: "بصاحب".
(٤) في ف، أ: "الفحمة".
(٥) في أ: "فقال".
(٦) في ف، أ: "عده".
(٧) في أ: "سعيد".
(٨) في أ: "المؤمنين".
(٩) في ف، أ: "فذلك".
(١٠) تفسير الطبري (١٩/ ٥).
(١١) في أ: "اشتقاق".
(١٢) في أ: "ظل".