للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعني: سرير تجلس عليه عظيم هائل مزخرف بالذهب، وأنواع الجواهر واللآلئ.

قال زهير بن محمد: كان من ذهب صفحتاه، مرمول بالياقوت والزبرجد. [طوله ثمانون ذراعًا، وعرضه أربعون ذراعًا.

وقال محمد بن إسحاق: كان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد] (١) واللؤلؤ، وكان إنما يخدمها النساء، لها ستمائة امرأة تلي الخدمة (٢).

قال علماء التاريخ: وكان هذا السرير في قصر عظيم مشيد رفيع البناء محكم، كان فيه ثلاثمائة وستون طاقة من شرقه ومثلها من غربه (٣)، قد وضع بناؤه على أن تدخل الشمس كل يوم من طاقة، وتغرب من مقابلتها، فيسجدون لها صباحًا ومساءً؛ ولهذا قال: (وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُم ْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) أي: عن طريق الحق، (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ).

وقوله: (أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ) [معناه: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ)] (٤) أي: لا يعرفون سبيل الحق التي هي إخلاص السجود لله وحده دون ما خلق من شيء من الكواكب وغيرها، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧].

وقرأ بعض القراء: "ألا يا اسجدوا لله" جعلها "ألا" الاستفتاحية، و"يا" للنداء، وحذف المنادى، تقديره عنده: "ألا يا قوم، اسجدوا لله".

وقوله: (الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ): قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعلم كل خبيئة في السماء والأرض. وكذا قال عكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد.

وقال سعيد بن المسيب: الخَبْء: الماء. وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: خبء السموات والأرض: ما جعل فيها من الأرزاق: المطر من السماء، والنبات من الأرض.

وهذا مناسب من كلام الهدهد، الذي جعل الله فيه من الخاصية ما ذكره ابن عباس وغيره، من أنه يرى الماء يجري في تخوم الأرض ودواخلها.

وقوله: (وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) أي: يعلم ما يخفيه العباد، وما يعلنونه من الأقوال والأفعال. وهذا كقوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠].


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) في ف: "امرأة تليها".
(٣) في ف: "من شرقية ومثلها من غربية".
(٤) زيادة من ف، أ.