للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا) أي: حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد؛ ولهذا قال: (فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) أي: الذين قامت عليهم الحجة، ووصل إليهم الإنذار، فخالفوا الرسول وكذبوه، وَهمُّوا بإخراجه من بينهم.

﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠)﴾.

يقول تعالى آمرًا رسوله أن يقول: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي: على نعَمه على عباده، من النعم التي لا تعد ولا تحصى، وعلى ما اتصف به من الصفات العُلى والأسماء الحسنى، وأن يُسَلِّم على عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم، وهم رسله وأنبياؤه الكرام، عليهم من الله الصلاة والسلام، هكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيره: إن المراد بعباده الذين اصطفى: هم الأنبياء، قال: وهو كقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢].

وقال الثوري، والسدي: هم أصحاب محمد ، ورضي [الله] (١) عنهم أجمعين، وروي نحوه عن ابن عباس.

ولا منافاة، فإنهم إذا كانوا من عباد الله الذين اصطفى، فالأنبياء بطريق الأولى والأحرى، والقصد أن الله تعالى أمر رسوله ومن اتبعه بعد ما ذكر لهم (٢) ما فعل بأوليائه من النجاة والنصر والتأييد، وما أحل بأعدائه من الخزي والنكال والقهر، أن يحمدوه على جميع (٣) أفعاله، وأن يسلموا على عباده المصطفين الأخيار.

وقد قال أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عمارة بن صَبِيح، حدثنا طَلْق بن غنام، حدثنا الحكم بن ظُهَيْر، عن السدي -إن شاء الله -عن أبي مالك، عن ابن عباس: (وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) قال: هم أصحاب محمد اصطفاهم الله لنبيه، (٤).

وقوله: (آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ): استفهام إنكار على المشركين في عبادتهم مع الله آلهة أخرى.

ثم شرع تعالى يبين (٥) أنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير دون غيره، فقال: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) أي: تلك السموات بارتفاعها وصفائها، وما جعل فيها من الكواكب النيرة والنجوم الزاهرة والأفلاك الدائرة، والأرض باستفالها وكثافتها، وما جعل فيها من الجبال والأوعار والسهول، والفيافي والقفار، والأشجار والزروع، والثمار والبحور (٦) والحيوان على اختلاف الأصناف والأشكال والألوان وغير ذلك.


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) في ف: "بعد ذكره لهم".
(٣) في ف: "جميل".
(٤) مسند البزار برقم (٢٢٤٣) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٨٧): "وفيه الحكم بن ظهير، وهو متروك".
(٥) في ف: "شرع يبين تعالى".
(٦) في ف: "والبحار".