للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبادي حُنَفاء، فاجتالتهم الشياطين عن دينهم". وسنذكر في الأحاديث أن الله تعالى فطر خلقه على] (١) الإسلام، ثم طرأ على بعضهم الأديان الفاسدة كاليهودية أو النصرانية أو المجوسية (٢).

وقوله: (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) قال بعضهم: معناه لا تبدلوا خلق الله، فتغيروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها. فيكون خبرا بمعنى الطلب، كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧]، وهذا معنى حسن صحيح.

وقال آخرون: هو خبر على بابه، ومعناه: أنه تعالى ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجبلة المستقيمة، لا يولد أحد إلا على ذلك، ولا تفاوت بين الناس في ذلك؛ ولهذا قال ابن عباس، وإبراهيم النَّخَعي، وسعيد بن جُبَيْر، ومجاهد، وعِكْرِمة، وقتادة، والضحاك، وابن زيد (٣) في قوله: (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) أي: لدين الله.

وقال البخاري: قوله: (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ): لدين الله، خَلْقُ الأولين: [دين الأولين]، (٤) والدين والفطرة: الإسلام.

حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن الزهري، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن (٥) أن أبا هريرة قال: قال رسول الله : "ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدَانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجسانه، كما تَنْتِج البهيمة بهيمة جَمْعاء، هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).

ورواه مسلم من حديث عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد الأيْلي، عن الزهري، به (٦). وأخرجاه -أيضا -من حديث عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن همام، عن أبي هريرة، ، عن النبي (٧).

وفي معنى هذا الحديث قد وردت أحاديث عن جماعة من الصحابة، فمنهم الأسودُ بن سَرِيع التميمي. قال (٨) الإمام أحمد:

حدثنا إسماعيل، حدثنا يونس، عن الحسن (٩) عن الأسود بن سَرِيع [التميمي] (١٠) قال: أتيت رسول الله وغزوت معه، فأصبت ظهرا (١١)، فقتل الناس يومئذ، حتى قتلوا الولدان. فبلغ ذلك رسول الله فقال: "ما بال أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية؟ ". فقال رجل: يا رسول الله، أما هم أبناء المشركين؟ فقال: "ألا إنما خياركم أبناء المشركين". ثم قال: "لا تقتلوا ذرية، لا تقتلوا ذرية". وقال: "كل نسمة تولد على الفطرة، حتى يُعرب عنها لسانها، فأبواها يهودانها أو ينصرانها".


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) في ت، ف: "والنصرانية والمجوسية".
(٣) في ت: "وسعيد بن حبير وغيرهم".
(٤) زيادة من ت، أ.
(٥) في ت: "ثم روى بسنده".
(٦) صحيح البخاري برقم (٤٧٧٥) وصحيح مسلم برقم (٢٦٥٨).
(٧) صحيح البخاري برقم (٦٥٩٩) وصحيح مسلم برقم (٢٦٥٨).
(٨) في ت: "فروى".
(٩) في ت: "بإسناده".
(١٠) زيادة من ف.
(١١) في ت، ف: "ظفرا".