للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ) أي: هو الخالق الرازق (١) يخرج الإنسان من بطن أمه عريانا لا علم له ولا سمع ولا بصر ولا قُوَى، ثم يرزقه جميع ذلك بعد ذلك، والرياش واللباس والمال والأملاك والمكاسب، كما قال (٢) الإمام أحمد:

حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سلام أبي شرحبيل، عن حَبَّة وسواء ابني خالد قالا دخلنا على النبي وهو يصلح شيئا فأعَنَّاه، فقال: "لا تيأسا من الرزق ما تَهَزّزَتْ رؤوسكما؛ فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة، ثم يرزقه الله ﷿" (٣).

وقوله: (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ)، أي: بعد هذه الحياة (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) أي: يوم القيامة.

وقوله: (هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ) أي: الذين تعبدونهم من دون الله. (مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) أي: لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك، بل الله هو المستقل بالخلق والرزق، والإحياء والإماتة، ثم يبعث الخلائق يوم القيامة؛ ولهذا قال بعد هذا كله: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي: تعالى وتقدس وتنزه وتعاظم وجل وعَزّ عن أن يكون له شريك أو نظير أو مساوٍ، أو ولد أو والد، بل هو الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)

قال ابن عباس، وعِكْرِمة، والضحاك، والسُّدِّي، وغيرهم: المراد بالبر هاهنا: الفَيَافي، وبالبحر: الأمصار والقرى، وفي رواية عن ابن عباس وعَكرمة: البحر: الأمصار والقرى، ما كان منها على جانب نهر.

وقال آخرون: بل المراد بالبر هو البر المعروف، وبالبحر: البحر المعروف.

وقال زيد (٤) بن رُفَيْع: (ظَهَرَ الْفَسَادُ) يعني: انقطاع المطر عن البر يعقبه القحط، وعن البحر تعمى (٥) دوابه. رواه ابن أبي حاتم.

وقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، عن سفيان، عن حميد بن قيس الأعرج، عن مجاهد: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)، قال: فساد البر: قتل ابن آدم، وفساد (٦) البحر: أخذ السفينة غصبا.

وقال عطاء الخراساني: المراد بالبر: ما فيه من المدائن والقرى، وبالبحر: جزائره.


(١) في أ: "الرزاق".
(٢) في ت: "كما روى".
(٣) المسند (٣/ ٤٦٩).
(٤) في أ "يزيد".
(٥) في ت، ف: "يعني".
(٦) في ت، ف: "وفي".