للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما. فقال لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خَبُثا (١).

وقال شعبة، عن الحكم، عن مجاهد: كان لقمان عبدًا صالحًا، ولم يكن نبيا.

وقال الأعمش: قال مجاهد: كان لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين، مشقق القدمين.

وقال حَكَّام بن سَلْم، عن سعيد الزبيدي، عن مجاهد: كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا غليظ الشفتين، مُصَفح القدمين، قاضيا على بني إسرائيل.

وذكر غيره: أنه كان قاضيا على بني إسرائيل في زمن (٢) داود، .

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حُمَيد، حدثنا الحكم، حدثنا عمرو بن قيس قال: كان لقمان، ، عبدًا أسود غليظ الشفتين، مُصَفَّح القدمين، فأتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم، فقال له: ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا، قال: نعم. فقال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا (٤) عبد الرحمن بن يزيد (٥) عن جابر قال: إن الله رفع لقمان الحكيم بحكمته، فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك، فقال له: ألست عبد بني فلان الذي كنت ترعى بالأمس؟ قال: بلى. قال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: قَدَرُ الله، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وتركي ما لا يعنيني.

فهذه الآثار منها ما هو مُصرَّح فيه بنفي كونه نبيا، ومنها ما هو مشعر بذلك؛ لأن كونه عبدًا قد مَسَّه الرق ينافي كونه نبيا؛ لأن الرسل كانت تبعث في أحساب قومها؛ ولهذا كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبيا، وإنما ينقل كونه نبيا عن عكرمة -إن صح السند إليه، فإنه رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم من حديث وَكِيع (٦) عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة فقال: كان لقمان نبيًا. وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف، والله (٧) أعلم.

وقال عبد الله بن وهب: أخبرني عبد الله بن عياش القتْبَاني، عن عُمَر مولى غُفرَة قال: وقف رجل على لقمان الحكيم فقال: أنت لقمان، أنت عبد بني الحسحاس؟ قال: نعم. قال: أنت راعي الغنم؟ قال: نعم. قال: أنت الأسود؟ قال: أما سوادي فظاهر، فما الذي يعجبك من أمري؟ قال: وَطءْ الناس بسَاطك، وغَشْيُهم بابك، ورضاهم بقولك. قال: يا بن أخي (٨) إن صَغَيتَ (٩) إلى ما أقول لك كنت كذلك. قال لقمان: غضي بصري، وكفي لساني، وعفة طعمتي، وحفظي فرجي، وقولي بصدق، ووفائي بعهدي، وتكرمتي ضيفي، وحفظي جاري، وتركي ما لا يعنيني، فذاك الذي صيرني إلى ما (١٠) ترى.


(١) تفسير الطبري (٢١/ ٤٣).
(٢) في أ: "زمان".
(٣) تفسير الطبري (٢١/ ٤٤).
(٤) في أ: "بن".
(٥) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده".
(٦) في ت: "عن وكيع".
(٧) في ت: "فالله".
(٨) في ف، أ: "أبي".
(٩) في ف، أ: "إن صنعت".
(١٠) في ت، ف، أ: "كما".