للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلسًا لم يعطه، ولو سأل الله الجنة لأعطاه إياها، ولو سأله (١) الدنيا لم يعطه إياها، ولم يمنعها إياه لهوانه عليه، ذو طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره" (٢).

وهذا مرسل من هذا الوجه.

وقال أيضا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جعفر بن سليمان، حدثنا عَوْف قال: قال أبو هريرة قال: قال رسول الله : "إن من ملوك الجنة كُل (٣) أشعث أغبر ذو طمرين لا يُؤبَه له، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإذا خطبوا النساء لم ينكحوا، وإذا قالوا لم يُنصَت لهم، حوائج أحدهم تتجلجل في صدره، لو قسم نوره يوم القيامة بين الناس لوسعهم" (٤). قال: وأنشدني عمر بن شَبَّةَ، عن ابن عائشة قال: قال عبد الله بن المبارك:

ألا رُبّ ذي طمْرَين في مَنزل غَدًا … زَرَابِيه مَبْثُوثةً ونَمَارقُه

قَد اطَّرَدَتْ أنهاره حَْوَل قَصْره … وَأشرَقَ والتفَّتْ عَلَيه حَدَائقُه (٥)

وروي -أيضا -من حديث عُبَيد الله بن زَحْر، عن علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: "قال الله: من أغبط أوليائي عندي: مؤمن خفيف الحاذ، ذو حظ من صلاة، أحسن عبادة ربه، وأطاعه في السر، وكان غامضا في الناس، لا يشار إليه بالأصابع. إن صبر على ذلك". قال: ثم نَقَد رسول الله بيده وقال: "عُجّلت منيته، وقل تراثه، وقلت بواكيه" (٦).

وعن عبد الله بن عمرو قال: أحب عباد الله (٧) إلى الله الغرباء. قيل: ومَنْ الغرباء؟ قال: الفرارون بدينهم، يجمعون يوم القيامة إلى عيسى بن مريم (٨).

وقال الفضيل بن عياض: بلغني أن الله تعالى (٩) يقول للعبد يوم القيامة: ألم أنعم عليك؟ ألم أعطك؟ ألم أسترك؟ ألم .. ؟ ألم .. ؟ ألم أخمل ذكرك؟ ثم قال الفضيل: إن استطعت ألا تُعرَف فافعل، وما عليك ألا يُثنى عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس محمودًا عند الله.

وكان ابن مُحَيْرِيز يقول: اللهم إني أسألك ذكرا خاملا.

وكان الخليل بن أحمد يقول: اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك، واجعلني في نفسي من أوضع خلقك، وعند الناس من أوسط خلقك.

ثم قال (١٠):

باب ما جاء في الشهرة

حدثنا أحمد بن عيسى المصري، حدثنا ابن وهب، عن عمر بن الحارث وابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنَان بن سعد، عن أنس، عن رسول الله أنه قال: "حسب امرئ من


(١) في ت: "ولو سأل الله".
(٢) التواضع والخمول لابن أبي الدنيا برقم (١)، وهو مرسل.
(٣) في ت، أ: "من هو".
(٤) ورواه ابن أبي الدنيا في الأولياء برقم (٩) عن الحسن مرسلا بنحوه، وقد سقط هذا الحديث من مخطوطة التواضع والخمول.
(٥) التواضع والخمول لابن أبي الدنيا برقم (٥).
(٦) التواضع والخمول برقم (١٣) وقد قال ابن حبان: "إذا روى عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم فهو مما عملته أيديهم".
(٧) في أ: "أحب العباد".
(٨) التواضع والخمول برقم (١٦).
(٩) في ت، أ: "﷿".
(١٠) أي ابن أبي الدنيا.