للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْلَى بِهِ، وَهِيَ أَوْلَى بِالْبَرَاءَةِ وَالنَّزَاهَةِ مِنْهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أُولَئِكَ (١) مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} .

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: الْخَبِيثَاتُ مِنَ النِّسَاءِ لِلْخَبِيثِينِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْخِبِيثُونَ مِنَ الرِّجَالِ لِلْخَبِيثَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَالطَّيِّبَاتُ مِنَ النِّسَاءِ لِلطَّيِّبِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالطَّيِّبُونَ مِنَ الرِّجَالِ لِلطَّيِّبَاتِ مِنَ النِّسَاءِ.

وَهَذَا -أَيْضًا -يَرْجِعُ إِلَى مَا قَالَهُ أُولَئِكَ بِاللَّازِمِ، أَيْ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَائِشَةَ زَوْجَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهِيَ طَيِّبَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ طَيِّبٍ مِنَ الْبَشَرِ، وَلَوْ كَانَتْ خَبِيثَةً لَمَا صَلَحَتْ لَهُ، لَا شَرْعًا وَلَا قَدَرًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} أَيْ: هُمْ بُعَداء عَمَّا يَقُولُهُ أَهْلُ الْإِفْكِ وَالْعُدْوَانِ، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أَيْ: بِسَبَبِ مَا قِيلَ فِيهِمْ مِنَ الْكَذِبِ، {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أَيْ: عِنْدَ اللَّهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ. وَفِيهِ وَعْدٌ بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ قَالَ: جَاءَ أُسَيْرُ (٢) بْنُ جَابِرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَعْجَبَنِي. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ الرَّجُلَ الْمُؤْمِنَ يَكُونُ فِي قَلْبِهِ الْكَلِمَةُ غَيْرَ طَيِّبَةٍ (٣) تَتَجَلْجَلُ فِي صَدْرِهِ مَا تَسْتَقِرُّ حَتَّى يَلْفِظَهَا، فَيَسْمَعَهَا (٤) رَجُلٌ عِنْدَهُ يَتُلّها فَيَضُمُّهَا إِلَيْهِ. وَإِنَّ الرَّجُلَ الْفَاجِرَ يَكُونُ فِي قَلْبِهِ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تَتَجَلْجَلُ فِي صَدْرِهِ مَا تَسْتَقِرُّ حَتَّى يَلْفِظَهَا، فَيَسْمَعَهَا (٥) الرَّجُلُ الَّذِي عِنْدَهُ يَتُلُّها (٦) فَيَضُمُّهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} .

وَيُشْبِهُ هَذَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ مَرْفُوعًا: "مِثْلَ الَّذِي يَسْمَعُ الْحِكْمَةَ ثُمَّ لَا يُحدِّث إِلَّا بشرِّ مَا سَمِعَ، كَمَثَلِ رَجُلٍ جَاءَ إِلَى صَاحِبِ غَنَمٍ، فَقَالَ: أجْزِرني شَاةً. فَقَالَ: اذْهَبْ فَخُذ بأذُن أَيِّهَا شئتَ. فَذَهَبَ فَأَخَذَ بِأُذُنِ كَلْب الْغَنَمِ" (٧) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "الْحِكْمَةُ (٨) ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ وَجَدَهَا أَخَذَهَا" (٩) .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) }


(١) في ف، أ: "فأولئك" وهو خطأ".
(٢) في ف، أ: "أسيد".
(٣) في أ: "طائل".
(٤) في أ: "فسمعها".
(٥) في أ: "فسمعها".
(٦) في أ: "مثلها".
(٧) المسند (٢/٣٥٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) في أ: "الكلمة".
(٩) رواه الترمذي في السنن برقم (٢٦٨٧) وابن ماجه في السنن برقم (٤١٦٩) من طريق عبد الله بن نمير، عن إبراهيم بن الفضل، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه. وقال التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وإبراهيم ابن الفضل المدني المخزومي، يضعف في الحديث من قبل حفظه".

<<  <  ج: ص:  >  >>