للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهو كذاب أفاك، دجال ضال مضل، ولو تخرق (١) وشعبذ، وأتى بأنواع السحر والطلاسم والنَيرجيَّات (٢)، فكلها محال وضلال عند أولي الألباب، كما أجرى الله، ، على يد الأسود العَنْسي باليمن، ومسيلمة الكذاب باليمامة، من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة، ما علم كل ذي لب وفهم وحِجى أنهما كاذبان ضالان، لعنهما الله. وكذلك كل مدع لذلك إلى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال، [فكل واحد من هؤلاء الكذابين] (٣) يخلق الله معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب مَنْ (٤) جاء بها. وهذا من تمام لطف الله تعالى بخلقه، فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلا على سبيل الاتفاق، أو لما لهم فيه من المقاصد إلى غيره، ويكون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم، كما قال تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ الآية [الشعراء: ٢٢١، ٢٢٢]. وهذا بخلاف الأنبياء، ، فإنهم في غاية البر والصدق (٥) والرشد والاستقامة [والعدل] (٦) فيما يقولونه ويفعلونه ويأمرون به وينهون عنه، مع ما يؤيدون به من الخوارق للعادات، والأدلة الواضحات، والبراهين الباهرات، فصلوات الله وسلامه عليهم دائما مستمرا ما دامت الأرض والسموات.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣)

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم تعالى، المنعم عليهم بأنواع النعم وأصناف (٧) المنن، لما لهم في ذلك من جزيل الثواب، وجميل المآب.

قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن سعيد (٨)، حدثني مولى بن عياش (٩) عن أبي بَحرية (١٠)، عن أبي الدرداء، ، قال: قالرسول الله : "ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: "ذكر الله ﷿".

وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه، من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن زياد -مولى ابن عياش (١١) -عن أبي بَحرية -واسمه عبد الله بن قيس التراغمي -عن أبي الدرداء، به (١٢). قال الترمذي: ورواه بعضهم عنه فأرسله.


(١) في أ: "تمخرق".
(٢) في أ: "النيرنجيات".
(٣) زيادة من أ.
(٤) في أ: "ما".
(٥) في أ: "الصدقة".
(٦) زيادة من أ.
(٧) في أ: "وصنوف".
(٨) في أ: "سعد".
(٩) في أ: "عباس".
(١٠) في أ: "عن أبي عرة".
(١١) في أ: "عباس".
(١٢) المسند (٥/ ١٩٥) وسنن الترمذي برقم (٣٣٧٧) وسنن ابن ماجه برقم (٣٧٩٠).