للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختار ابن جرير، ، أن الآية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء، وفي النساء اللواتي في عصمته وكن تسعا. وهذا الذي قاله جيد، ولعله مراد كثير ممن حكيناعنه من السلف؛ فإن كثيرا منهم روي عنه هذا وهذا، ولا منافاة، والله أعلم.

ثم أورد ابن جرير على نفسه ما روي أن رسول الله طلق حفصة ثم راجعها، وعزم على فراق سودة حتى وهبته يومها لعائشة، ثم أجاب بأن هذا كان قبل نزول قوله: (لا تَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ)، وهذا الذي قاله من أن هذا كان قبل نزول الآية صحيح، ولكن لا يحتاج إلى ذلك؛ فإن الآية إنما دلت على أنه لا يتزوج بمن عدا اللواتي في عصمته، وأنه لا يستبدل بهن غيرهن، ولا يدل ذلك على أنه لا يطلق واحدة منهن من غير استبدال، والله أعلم.

فأما قَضية سَوْدَة ففي الصحيح عن عائشة، ، وهي سبب نزول قوله تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا [وَالصُّلْحُ خَيْرٌ (١)]﴾ الآية [النساء: ١٢٨] (٢).

وأما قضية (٣) حفصة فروى أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، من طرق عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن صالح بن صالح بن حي (٤) عن سلمة بن كُهَيْل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن عمر؛ أن رسول الله طلق حفصة ثم راجعها. وهذا إسناد (٥) قوي (٦).

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا يونس بن بُكَيْر، عن الأعمش، عن أبي صالح (٧)، عن ابن عمر قال: دخل عمر على حفصة وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ لعل رسول الله طلقك؟ إنه قد كان طلقك مرة ثم راجعك من أجلي؛ والله لئن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا. ورجاله على شرط الصحيحين (٨).

وقوله: (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ)، فنهاه عن الزيادة عليهن، أو طلاق واحدة منهن واستبدال غيرها بها إلا ما ملكت يمينه (٩).

وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا مناسبا ذكَرُه هاهنا، فقال:

حدثنا إبراهيم بن نصر، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله (١٠) القرَشي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار (١١) عن أبي هُرَيرة، ،


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) انظر تخريج هذا الحديث عند تفسير الآية: ١٢٨ من سورة النساء.
(٣) في ت: "قصة".
(٤) في أ: "يحيى"
(٥) في ت: "إسناده".
(٦) سنن أبي داود برقم (٢٢٨٣) وسنن النسائي (٦/ ٢١٣) وسنن ابن ماجه برقم (٢٠١٦).
(٧) في ت: "وروى الإمام الحافظ أبو يعلى بسنده".
(٨) مسند أبي يعلى (١/ ١٦٠).
(٩) في أ: "يمينك".
(١٠) في أ: "عبيد الله".
(١١) في ت: "وروى البزار بإسناده".