للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صحيح.

وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن خُزَيمة، وابن حبّان، والحاكم في مستدركه، من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، عن أبي مسعود البدري أنهم قالوا: يا رسول الله، أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؟ فقال: "قولوا: اللهم، صَل على محمد وعلى آل محمد … " وذكره (١).

ورواه الشافعي، ، في مسنده، عن أبي هريرة، بمثله (٢). ومن هاهنا ذهب الشافعي، ، إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على رسول الله في التشهد الأخير، فإن تركه لم تصح صلاته. وقد شَرَع بعض المتأخرين من المالكية وغيرهم يُشنع على الإمام الشافعي في اشتراطه ذلك في الصلاة، ويزعم أنه قد تفرد بذلك، وحكى الإجماع على خلافه أبو جعفر الطبري والطحاوي والخطابي وغيرهم، فيما نقله القاضي عياض. وقد تَعَسّف القائل (٣) في رده على الشافعي، وتكلف في دعواه الإجماع في ذلك، [وقال ما لم يحط به علما] (٤)، فإنه قد روينا وجوب ذلك والأمر بالصلاة على رسول الله في الصلاة كما هو ظاهر الآية، ومفسر (٥) بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة، منهم: ابن مسعود، وأبو مسعود البدري، وجابر بن عبد الله، ومن التابعين: الشعبي، وأبو جعفر الباقر، ومقاتل بن حيان. وإليه ذهب الشافعي، لا خلاف عنه في ذلك ولا بين (٦) أصحابه أيضا، وإليه ذهب [الإمام] (٧) أحمد أخيرا فيما حكاه عنه أبو زُرْعَة الدمشقي، به. وبه قال إسحاق بن راهويه، والفقيه الإمام محمد بن إبراهيم المعروف بابن الموّاز المالكي، ، حتى إن بعض أئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه كما علمهم أن يقولوا لما سألوه، وحتى إن بعض أصحابنا أوجب الصلاة على الآل ممن (٨) حكاه البَنْدَنيجِيّ، وسُلَيم الرازي، وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي، ونقله إمام الحرمين وصاحبه الغزالي قولا عن الشافعي. والصحيح أنه وجه، على أن الجمهور على خلافه، وحكوا الإجماع على خلافه، وللقول بوجوبه ظواهر الحديث، والله أعلم.

والغَرَض أن الشافعي، ، لقوله (٩) بوجوب الصلاة على النبي في الصلاة -سَلَفٌ وَخَلَفٌ (١٠) كما تقدم، لله الحمد والمنة، فلا إجماع على خلافه في هذه المسألة لا قديما ولا حديثا، والله أعلم.

ومما يؤيد ذلك: الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي -وصححه -والنسائي وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، من رواية حَيْوة بن شُرَيْح المصري، عن أبي هانئ حميد بن


(١) المسند (٤/ ١١٩) وسنن أبي داود برقم (٩٨١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٩٨٧٧) والمستدرك (١/ ٦٦٨) وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم".
(٢) مسند الشافعي برقم (٢٦٨) "بدائع المنن" ورواه النسائي في السنن الكبرى برقم (٩٨٧٥) من طريق داود بن قيس، عن نعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة .
(٣) في أ: "تعسف هذا القائل".
(٤) زيادة من ف، أ.
(٥) في ت: "ومشعر".
(٦) في أ: "من".
(٧) زيادة من ت، ف، أ.
(٨) في ف: "فيما" وفي أ: "فيمن".
(٩) في أ: "يقول".
(١٠) في أ: "سلفا وخلفا".