للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاحتملت الصخرة ثيابه حتى صارت بحذاء مجالس بني إسرائيل، فنظروا إلى موسى كأحسن الرجال، أو كما قال، فذلك قوله: (فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) (١).

وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، حدثنا الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (٢) عن علي بن أبي طالب، ، في قوله: (فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا) قال: صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون، ، فقال بنو إسرائيل لموسى، : أنت قتلته، كان ألين لنا منك وأشد حياء. فآذوه من ذلك، فأمر الله الملائكة فحملته، فمروا (٣) به على مجالس بني إسرائيل، فتكلمت بموته، فما عرف موضع قبره إلا الرَّخَم، وإن الله جعله أصم أبكم.

وهكذا رواه ابن جرير، عن علي بن موسى الطوسي، عن عباد بن العوام، به (٤).

ثم قال: وجائز أن يكون هذا هو المراد بالأذى، وجائز أن يكون الأول هو المراد، فلا قول أولى من قول الله، ﷿.

قلت: يحتمل أن يكون الكل مرادا، وأن يكون معه غيره، والله أعلم.

قال (٥) الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شَقيق، عن عبد الله قال: قسم رسول الله ذات يوم قسما، فقال رجل من الأنصار: إن هذه القسمة (٦) ما أريد بها وجه الله. قال: فقلت: يا عدو الله، أما لأخبرن رسول الله بما قلت. قال: فذكر (٧) ذلك للنبي فاحمرَّ وجهه، ثم قال: "رحمة الله على موسى، فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر".

أخرجاه في الصحيحين (٨) من حديث سليمان بن مهران الأعمش، به (٩).

طريق أخرى: قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، سمعت إسرائيل بن يونس، عن الوليد بن أبي هاشم (١٠) -مولى الهمداني، عن زيد بن زائد، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله لأصحابه: "لا يبلِّغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا [سليم الصدر] " (١١). فأتى رسول الله مالٌ فقسمه، قال: فمررت برجلين وأحدهما يقول لصاحبه: والله ما أراد محمد بقسمته وجه الله ولا الدار الآخرة. قال: فَتَثَبَّتُ حتى سمعت (١٢) ما قالا ثم أتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله، إنك قلت لنا: "لا يبلغني أحد عن أصحابي شيئا"، وإني مررت بفلان وفلان، وهما يقولان كذا وكذا. فاحمر وجه رسول الله وشَقَّ عليه، ثم قال: "دعنا منك، لقد أوذي موسى بأكثر من هذا، فصبر" (١٣).


(١) مسند البزار برقم (٢٢٥٢) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٩٢): "وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك".
(٢) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بإسناده".
(٣) في أ: "فمرت".
(٤) تفسير الطبري (٢٢/ ٣٧).
(٥) في ت: "وروى".
(٦) في أ: "لقسمة".
(٧) في ت، أ: "فذكرت".
(٨) في ت: "أخرجه البخاري ومسلم".
(٩) المسند (١/ ٣٨٠) وصحيح البخاري برقم (٣٤٠٥) وصحيح مسلم برقم (١٠٦٢).
(١٠) في أ: "هشام".
(١١) زيادة من ت، ف، أ، والمسند.
(١٢) في أ: "فقلت حين سمعت".
(١٣) المسند (١/ ٣٩٥).