للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا يقال لمن هو متلبس بالفعل، وقد كان آل داود، ، كذلك قائمين بشكر الله قولا وعملا.

قال (١) ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، حدثنا جعفر -يعني: ابن سليمان-عن ثابت البُنَاني قال: كان داود، ، قد جزأ على أهله وولده ونسائه الصلاة، فكان لا تأتي عليهم (٢) ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي، فغمرتهم هذه الآية: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).

وفي الصحيحين عن رسول الله أنه قال: "إن أحب الصلاة إلى الله صلاةُ داودَ، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما. ولا يَفر إذا لاقى". (٣)

وقد روى أبو عبد الله بن ماجه من حديث سُنيْد بن داود، حدثنا يوسف بن محمد بن المُنْكَدِر، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله : "قالت أمّ سليمان بن داود لسليمان: يا بني، لا تكثر النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيرًا يوم القيامة". (٤)

وروى ابن أبي حاتم عن داود، ، هاهنا أثرا غريبا مطولا جدا، وقال أيضًا:

حدثنا أبي، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا أبو يزيد (٥) فيض بن إسحاق الرقي (٦) قال: قال فضيل في قوله تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا). فقال داود: يا رب، كيف أشكرك، والشكر نعمة منك؟ قال: "الآن شكرتني حين علمت (٧) أن النعمة (٨) مني".

وقوله: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) إخبار عن الواقع.

﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (١٤)﴾.

يذكر تعالى كيفية موت سليمان، ، وكيف عَمَّى الله موته على الجانّ المسخرين له في الأعمال الشاقة، فإنه مكث متوكئًا على عصاه -وهي مِنْسَأته-كما قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة وغير واحد -مدة طويلة نحوا من سنة، فلما أكلتها (٩) دابةُ الأرض، وهي الأرضة، ضعفت (١٠) وسقط (١١) إلى الأرض، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة-تبينت الجن والإنس أيضًا أن الجن لا يعلمون الغيب، كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك.


(١) في ت: "روى".
(٢) في ت: "لا يأتي عليهن"، وفي أ: "لا يأتي عليهم".
(٣) صحيح البخاري برقم (١١٣١) وصحيح مسلم برقم (١١٥٩).
(٤) سنن ابن ماجه برقم (١٣٣٢) وقال البوصيري في الزوائد (١/ ٤٣٣): "هذا إسناد ضعيف".
(٥) في هـ: "زيد" والمثبت من ت، س، أ، والجرح والتعديل ٣/ ٢/٨٨ مستفادا من طبعة الشعب.
(٦) في أ: "المرى".
(٧) في ت، س: "قلت".
(٨) في أ: "النعم".
(٩) في ت: "فلما أكلت العصا".
(١٠) في ت، س، أ: "فضعفت".
(١١) في أ: "وسقطت".