للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذين يحبسون في طول المحشر، ثم هم الذين تلافاهم (١) برحمته، فهم الذين يقولون: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٢)﴾.

طريق أخرى: (٣) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي ثابت، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله يقول: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) قال: "فأما الظالم لنفسه فيحبس حتى يصيبه الهم والحزن، ثم يدخل الجنة".

ورواه ابن جرير من حديث سفيان الثوري، عن الأعمش قال: ذكر أبو ثابت أنه دخل المسجد، فجلس إلى جنب أبي الدرداء، فقال: اللهم، آنس وحشتي، وارحم غربتي، ويسر لي جليسا صالحا. قال أبو الدرداء: لئن كنت صادقا لأنا أسعد بك منك، سأحدثك حديثا سمعته من رسول الله لم أحدث به منذ سمعته منه، ذكر هذه الآية: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ)، فأما السابق بالخيرات فيدخلها بغير حساب وأما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا، وأما الظالم لنفسه فيصيبه في ذلك المكان من الغم والحزن، وذلك قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ (٤).

الحديث الثالث: قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس، حدثنا ابن مسعود، أخبرنا سهل بن عبد ربه (٥) الرازي، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (٦)، عن أسامة بن زيد: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) الآية، قال: قال رسول الله : "كلهم من هذه الأمة". (٧)

الحديث الرابع: قال (٨) ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عَزيز، حدثنا سلامة، عن عَقِيل، عن ابن شهاب، عن عَوْف (٩) بن مالك، عن رسول الله أنه قال: "أمتي ثلاثة أثلات: فثلث يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة، وثلث يُمَحَّصون ويكشفون، ثم تأتي الملائكة فيقولون: وجدناهم يقولون: "لا إله إلا الله وحده". يقول الله ﷿: صدقوا، لا إله إلا أنا، (١٠) أدخلوهم الجنة بقولهم: "لا إله إلا الله وحده" واحملوا خطاياهم على أهل النار، وهي التي قال الله تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ (١١) أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت: ١٣]، وتصديقها في التي فيها ذكر الملائكة، قال الله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) فجعلهم ثلاثة أنواع (١٢)، وهم أصناف كلهم، فمنهم ظالم


(١) في ت، س، أ: "تلافاهم الله".
(٢) المسند (٥/ ١٩٨).
(٣) في ت: "وروي من طريق أخرى".
(٤) تفسير الطبري (٢٢/ ٩٠) ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٢٦) ومن طريقه البيهقي في البعث برقم (٦٢) من طريق الأعمش، به.
(٥) في أ: "عبد الله".
(٦) في ت: "رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده".
(٧) المعجم الكبير (١/ ١٦٧) وقد وقع في إسناده سقط، ورواه البيهقي في البعث برقم (٦٤) من طريق محمد بن سعيد، عن عمرو بن أبي قيس، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن أبيه، عن أسامة بن زيد، به، ورواه أيضا برقم (٦٣) من طريق حصين بن نمير عن ابن أبي ليلى، عن أخيه، عن أبيه، عن أسامة بن زيد، بنحوه.
(٨) في ت: "رواه".
(٩) في أ: "أنس".
(١٠) في س: "إلا الله".
(١١) في س: "ولتحملن".
(١٢) في ت، س: "أفواج".