للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روي من غير وجه عنه. هذا نصه بحروفه في الموضعين، والله أعلم.

وقال (١) الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو موسى الأنصاري، حدثنا ابن أبي فُدَيْك، حدثني إبراهيم بن الفضل -مولى بني مخزوم-عن المَقْبُريّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "مُعْتَرك المنايا ما بين الستين إلى السبعين".

وبه قال: قال رسول الله : "أقل أمتي أبناء سبعين". إسناده ضعيف. (٢)

حديث آخر في معنى ذلك: قال (٣) الحافظ أبو بكر البزار في مسنده:

حدثنا إبراهيم بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن مهدي، حدثنا عثمان بن مطر، عن أبي مالك، عن رِبْعِي عن حذيفة أنه قال: يا رسول الله، أنبئنا بأعمار أمتك. قال: "ما بين الخمسين إلى الستين" قالوا: يا رسول الله، فأبناء السبعين؟ قال: "قَلّ مَنْ يبلغها من أمتي، رحم الله أبناء السبعين، ورحم الله أبناء الثمانين".

ثم قال البزار: لا يروى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد، وعثمان بن مطر من أهل البصرة ليس بقوي. (٤)

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله عاش ثلاثا وستين سنة. وقيل: ستين. وقيل: خمسًا وستين سنة. والمشهور الأول، والله أعلم.

وقوله: (وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ): روي عن ابن عباس، وعِكْرِمَة، وأبي جعفر الباقر، وقتادة، وسفيان بن عُيَيْنَة أنهم قالوا: يعني: الشيب.

وقال السُّدِّيّ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يعني به الرسول وقرأ ابن زيد: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى﴾ [النجم: ٥٦]. وهذا هو الصحيح عن قتادة، فيما رواه شيبان، عنه أنه قال: احتج عليهم بالعمر والرسل.

وهذا اختيار ابن جرير، وهو الأظهر؛ لقوله تعالى: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧، ٧٨]، أي: لقد بينا لكم الحق على ألسنة الرسل، فأبيتم وخالفتم، وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الإسراء: ١٥]، وقال : ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ﴾ [الملك: ٨، ٩].

وقوله: (فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) أي: فذوقوا عذابَ النار جزاء على مخالفتكم للأنبياء في مدة أعماركم، فما لكم اليوم ناصر ينقذكم مما أنتم فيه من العذاب والنكال والأغلال.


(١) في ت: "وروى".
(٢) مسند أبي يعلى (١١/ ٤٢٢، ٤٢٣) وفيه إبراهيم بن الفضل وهو متروك.
(٣) في ت: "وروى".
(٤) مسند البزار برقم (٣٥٨٦) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٠٦): "وفيه عثمان بن مطر وهو ضعيف".