للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعيم -وكيل المتقي ببغداد-حدثنا أبو محمد عبد الله بن هلال النحوي الضرير، حدثنا علي بن عمرو الأنصاري، حدثنا سفيان بن عيينة (١)، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ، قالت: ما جمع رسول الله بيت شعر قط، إلا بيتا واحدًا. (٢)

تَفَاءلْ بما تَهْوَى يَكُنْ فَلَقَلَّمَا … يُقَالُ لِشَيْءٍ كَانَ إلا تَحَقَّقَا (٣)

سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزّي عن هذا الحديث، فقال: هو منكر. ولم يعرف شيخ الحاكم، ولا الضرير.

وقال سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة: قيل لعائشة: هل كان رسول الله يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغضَ الحديث إليه، غير أنه كان يتمثل ببيت أخي بني قيس، فيجعل أوله آخره، وآخره أوله. فقال أبو بكر ليس هكذا. فقال رسول الله : "إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي". رواه ابن أبي حاتم وابن جرير، وهذا لفظه. (٤)

وقال معمر عن قتادة: بلغنى أن عائشة سُئلت: هل كان رسول الله يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: لا إلا بيت طَرَفَة:

سَتُبْدي لكَ الأيامُ مَا كُنْتَ جَاهلا … وَيَأْتيك بالأخبارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

فجعل يقول: "مَن لم تُزَوّد بالأخبار". فقال أبو بكر: ليس هذا هكذا. فقال: "إني لست بشاعر، ولا ينبغي لي" (٥)

وثبت في الصحيحين أنه، ، تمثل يوم حفر الخندق بأبيات عبد الله بن رواحة، ولكن تبعًا لقول أصحابه، فإنهم كانوا يرتجزون وهم يحفرون، فيقولون:

لاهُمَّ لوْلا أنت (٦) مَا اهْتَدَيْنَا مَا اهْتَدَيْنَا … وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا

فَأَنزلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … وَثَبِّت الأقْدَامَ إنْ لاقَيْنَا

إنّ الألى قَدْ بَغَوا عَليْنَا … إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

ويرفع صوته بقوله: "أبينا" ويمدها (٧). وقد روي هذا بزحاف في الصحيح أيضًا. وكذلك ثبت أنه قال يوم حنين وهو راكب البغلة، يُقدم بها في نحور العدو:

أنا النَّبِيّ لا كَذِبْ … أنَا ابْنُ عُبْد المُطَّلِبْ (٨)

لكن قالوا: هذا وقع اتفاقًا من غير قصد لوزن شعر، بل جرى على اللسان من غير قصد إليه.

وكذلك ما ثبت في الصحيحين عن جُنْدَب بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله في غار


(١) في س: "حاشية بخط جمال الدين المزي هذا موضوع على ابن عيينة".
(٢) في أ: "واحدا فقال".
(٣) السنن الكبرى للبيهقي (٧/ ٤٣) وقال: "لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، وفيهم مَنْ يجهل حاله".
(٤) تفسير الطبرى (٢٣/ ١٩).
(٥) رواه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ١١٧) عن معمر عن قتادة، به.
(٦) في ت: "لولا الله".
(٧) صحيح البخاري برقم (٧٢٣٦) وصحيح مسلم برقم (١٨٠٣) من حديث البراء بن عازب، .
(٨) صحيح البخاري برقم (٢٨٦٤) وصحيح مسلم برقم (١٧٧٦).