للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شريكين، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار، وكان أحدهما له حرفة، والآخر ليس له حرفة، فقال الذي له حرفة للآخر: ليس عندك حرفة، ما أراني إلا مفارقك ومقاسمك، فقاسمه وفارقه، ثم إن الرجل اشترى دارًا بألف دينار كانت لملك، مات، فدعا صاحبه فأراه فقال: كيف (١) ترى هذه الدار؟ ابتعتها بألف دينار؟ قال: ما أحسنها! فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي ابتاع (٢) هذه الدار بألف دينار، وإني أسألك دارا من دور الجنة، فتصدق بألف دينار، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه تزوج بامرأة (٣) بألف دينار، فدعاه وصنع له طعاما. فلما أتاه قال: إني تزوجت امرأة بألف دينار. قال: ما أحسن هذا! فلما انصرف قال: يا رب، إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار، وإني أسألك امرأة من الحور العين. فتصدق بألف دينار، ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث. ثم اشترى بستانين بألفي دينار، ثم دعاه فأراه فقال: إني ابتعت هذين البستانين. (٤) فقال: ما أحسن هذا! فلما خرج قال: يا رب، إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار، وأنا أسألك بستانين في الجنة. فتصدق بألفي دينار، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما، ثم انطلق بهذا المتصدق، فأدخله دارا تعجبه، وإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حسنها، ثم أدخله بستانين وشيئا الله به عليم، (٥) فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا. قال: فإنه ذاك، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة. قال: فإنه كان لي صاحب يقول: أئنك لمن المصدقين؟ قيل له: فإنه في الجحيم. قال: هل أنتم مطلعون؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم. فقال عند ذلك: (تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) الآيات.

قال ابن جرير: وهذا يقوي قراءة من قرأ: "أئنك لمن المُصَّدّقِينَ" بالتشديد.

وقال (٦) ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عمر بن عبد الرحمن الأبار أبو حفص قال: سألت إسماعيل السدي عن هذه الآية: (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) ? قال: فقال لي: ما ذكرك هذا؟ قلت: قرأته آنفا فأحببت أن أسألك عنه؟ فقال: أما فاحفظ، كان شريكان في بني إسرائيل، أحدهما مؤمن والآخر كافر، فافترقا على ستة آلاف دينار، كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، فمكثا ما شاء الله أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك؟ أضربت به شيئا؟ أتجرت به في شيء؟ فقال له المؤمن: لا فما صنعت أنت؟ فقال: اشتريت به أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا (٧) قال: فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم. فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه، ثم قال: اللهم إن فلانا -يعني شريكه الكافر-اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار، ثم يموت غدا ويتركها، اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف دينار (٨) أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة. قال: ثم أصبح فقسمها في المساكين. قال: ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر


(١) في ت، س: "فكيف".
(٢) في ت، س: "إن صاحبي هذا قد ابتاع".
(٣) في ت، س: "امرأة".
(٤) في ت، أ: "البستانين بألفي دينار".
(٥) في ت: "وفيهما ما الله به عليم".
(٦) في ت: "وروى".
(٧) في ت، س: "وأنهار بألف دينار".
(٨) في س: "الدينار".