للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه الترمذي عن سُوَيْد بن نصر عن ابن المبارك عن رِشْدين بن سعد عن عمرو بن الحارث عن دَرّاج به. ثم قال: "لا نعرفه إلا من حديث رشدين" (١) كذا قال: وقد تقدم من غير حديثه ورواه ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث به (٢)

وقال كعب الأحبار: غساق: عين في جهنم يسيل إليها حُمَة كل ذات حُمَة من حية وعقرب وغير ذلك فيستنقع فيؤتى بالآدمي فيغمس فيها غمسة واحدة فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام ويتعلق جلده ولحمه في كعبيه وعقبيه ويُجَر لحمه كما يَجُر الرجل ثوبه. رواه ابن أبي حاتم.

وقال الحسن البصري في قوله: (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) ألوان من العذاب.

وقال غيره: كالزمهرير والسموم وشرب الحميم وأكل الزقوم والصعود والهوى إلى غير ذلك من الأشياء المختلفة والمتضادة (٣) والجميع مما يعذبون به ويهانون بسببه.

وقوله: (هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ) هذا إخبار عن قيل أهل النار بعضهم لبعض كما قال تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: ٣٨] يعني بدل السلام يتلاعنون ويتكاذبون (٤) ويكفر بعضهم ببعض فتقول الطائفة التي تدخل قبل الأخرى إذا أقبلت التي بعدها مع الخزنة من الزبانية: (هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ) أي: داخل معكم (لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ) [أي] (٥) لأنهم من أهل جهنم (٦) (قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ) أي: فيقول لهم الداخلون: (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا) أي: أنتم دعوتمونا إلى ما أفضى بنا إلى هذا المصير (فَبِئْسَ الْقَرَارُ) أي: فبئس المنزل والمستقر والمصير. (قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ) كما قال ﷿ (٧) ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] أي: لكل منكم عذاب بحسبه.

﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ (٦٣) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤)

هذا إخبار عن الكفار في النار أنهم يفقدون رجالا كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة وهم المؤمنون في زعمهم قالوا: ما لنا لا نراهم معنا في النار؟.

قال (٨) مجاهد: هذا قول أبي جهل يقول: ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وفلانا وفلانا. وهذا مثل ضرب، وإلا فكل الكفار هذا حالهم: يعتقدون أن المؤمنين يدخلون النار فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم فقالوا: (مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا) أي: في الدنيا (٩) (أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ) يسلون أنفسهم بالمحال يقولون: أو لعلهم


(١) سنن الترمذي برقم (٢٥٨٤).
(٢) تفسير الطبري (٢٣/ ١١٤).
(٣) في ت، س: "المتضاضة والمتخالفة".
(٤) في ت: "ويتجاذبون".
(٥) زيادة من ت، س.
(٦) في ت: "النار".
(٧) في ت، س: "تعالى".
(٨) في ت: "وقال".
(٩) في أ: "دار الدنيا".