للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت لا أدري رب -أعادها ثلاثا-فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شيء وعرفت فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات. قال: وما الكفارات؟ قلت (١) نقل الأقدام إلى الجمعات (٢) والجلوس (٣) في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء عند الكريهات. قال: وما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام. قال: سل. قلت اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة بقوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك". وقال رسول الله : "إنها حق فادرسوها وتعلموها" (٤) فهو حديث المنام المشهور ومن جعله يقظة فقد غلط وهو في السنن من طرق.

وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث "جهضم بن عبد الله اليمامي" به. وقال: "حسن صحيح" (٥) وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن (٦) فإن هذا قد فسر وأما الاختصام الذي في القرآن فقد فسر بعد هذا وهو قوله تعالى:

﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)

هذه القصة ذكرها الله، تعالى في سورة "البقرة" وفي أول "الأعراف" وفي سورة "الحجر" و [في] (٧) "سبحان" و "الكهف"، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله ﷿. فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف (٨) عن السجود لآدم وخاصم ربه ﷿ فيه وادعى (٩) أنه خير من آدم فإنه مخلوق


(١) في أ: "قال".
(٢) في ت، أ: "الجماعات".
(٣) في ت، س، أ: وجلوس.
(٤) المسند (٥/ ٢٤٣).
(٥) سنن الترمذي برقم (٣٢٣٥) وقال: "سألت محمد بن إسماعيل -يعني: عن هذا الحديث- فقال: "حسن صحيح".
(٦) في ت: "المذكور في الآية الكريمة في القرآن".
(٧) زيادة من ت.
(٨) في أ: "فاستأنف".
(٩) في ت: "فادعى".