للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأشعري (١) قال: قال رسول الله : "إن الله تعالى يقول: ثلاث خلال غَيَّبتُهُنَّ عن عبادي، لو رآهن رجل ما عمل سوءًا أبدا: لو كشفت غطائي فرآني حتى نستيقن ويعلم كيف أفعل بخلقي إذا أتيتهم، وقبضت السموات بيدي، ثم قبضت الأرض (٢) والأرضين، ثم قلت: أنا الملك، من ذا الذي له الملك دوني؟ ثم أريتهم (٣) الجنة وما أعددت لهم فيها من كل خير، فيستيقنوها. وأريهم النار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوها، ولكن عمدا غيبت ذلك عنهم لأعلم كيف يعملون، وقد بينته لهم" (٤).

وهذا إسناد متقارب، وهي نسخة تروى بها أحاديث جمة، والله أعلم.

﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠)﴾.

يقول تعالى مخبرا عن هول يوم القيامة، وما يكون فيه من الآيات العظيمة والزلازل الهائلة، فقوله: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ)، هذه النفخة هي الثانية، وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت (٥) بها الأحياء من أهل السموات والأرض، إلا من شاء الله كما هو (٦) مصرح (٧) به مفسرا في حديث الصور المشهور. ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولا وهو الباقي آخرا بالديمومة (٨) والبقاء، ويقول: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٦] ثلاث مرات. ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أي: الذي هو واحد وقد قهر كل شيء، وحكم بالفناء على كل شيء. ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل، ويأمره أن ينفخ في الصور أخرى، وهي النفخة الثالثة نفخة البعث، قال تعالى: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) أي: أحياء بعد ما كانوا عظاما ورفاتا، صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٣، ١٤]، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا﴾ [الإسراء: ٥٢]، وقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ [الروم: ٢٥].

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم قال: سمعت


(١) في أ: "الأشعري ".
(٢) في هـ: "قبضت الأرضين" وفي س، ت، أ: "قبضت الأرض ثم الأرضين" والمثبت من المعجم.
(٣) في س: "أريهم".
(٤) المعجم الكبير (٣/ ٢٩٤)، وفي إسناده: محمد بن إسماعيل بن عياش، ضعيف ولم يسمع من أبيه.
(٥) في س: "تموت".
(٦) في أ: "جاء".
(٧) في ت، س: "مصرحا".
(٨) في أ: "بالديمومية".