وقد بين تعالى أنه لا يستحق العبادة أحد سواه، في قوله:(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا) أي: هو الذي يقلبكم في هذه الأطوار كلها، وحده لا شريك له، وعن أمره وتدبيره وتقديره يكون ذلك كله، (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) أي: من قبل أن يوجد ويخرج إلى هذا العالم، بل تسقطه أمه سقطا، ومنهم من يتوفى صغيرا، وشابا، وكهلا قبل الشيخوخة، كقوله: ﴿لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الحج: ٥] وقال هاهنا: (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) قال ابن جريج، تتذكرون البعث.
ثم قال:(هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي: هو المتفرد بذلك، لا يقدر على ذلك أحد سواه، (فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي: لا يخالف ولا يمانع، بل ما شاء كان [لا محالة](١).
يقول تعالى: ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات الله، ويجادلون في الحق والباطل، كيف تُصرّف عقولهم عن الهدى إلى الضلال، (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا) أي: من الهدى والبيان، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، من الرب، ﷻ، لهؤلاء، كما قال تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥].