للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم استراح. فغضب النبي غضبا شديدا، فنزل: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ [ق: ٣٨ - ٣٩] (١).

هذا الحديث فيه غرابة. فأما حديث ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله بيدي فقال: "خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل" فقد رواه مسلم، والنسائي في كتابيهما، عن حديث ابن جريج، به (٢). وهو من غرائب الصحيح، وقد عَلَّله البخاري في التاريخ فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة [] (٣) عن كعب الأحبار، وهو الأصح.

﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (١٦) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٧) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (١٨)

يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بما جئتهم به من الحق: إن أعرضتم عما جئتكم به من عند الله فإني أنذركم حلول نقمة الله بكم، كما حلت بالأمم الماضين من المكذبين بالمرسلين (صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) أي: ومن شاكلهما (٤) ممن فعل كفعلهما. (إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) كقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الأحقاف: ٢١] أي: في القرى المجاورة لبلادهم، بعث الله إليهم الرسل


(١) تفسير الطبري (٢٤/ ٦١) ورواه أبو الشيخ في العظمة برقم ٨٧٨ والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٤٣) من طريق هناد به، وقال الحاكم صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي فقال: أبو سعيد البقال قال ابن معين: لا يكتب حديثه."
(٢) صحيح مسلم برقم (٢٧٨٩) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٠١٠).
(٣) زيادة من ت.
(٤) في أ: "شاكلهم".