للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)

هذه مقامات (١) الوحي بالنسبة إلى جناب الله، ﷿، وهو أنه تعالى تارة يقذف في روع النبي شيئا لا يتمارى فيه أنه من الله ﷿، كما جاء في صحيح ابن حبان، عن رسول الله أنه قال: "إن رُوح القُدُس نفث في رُوعي: أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" (٢).

وقوله: (أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) كما كلم موسى، ، فإنه سأل الرؤية بعد التكليم، فحجب عنها.

وفي الصحيح أن رسول الله قال لجابر بن عبد الله: "ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحا" الحديث (٣)، وكان [أبوه] (٤) قد قتل يوم أحد، ولكن هذا في عالم البرزخ، والآية إنما هي في الدار (٥) الدنيا.

وقوله: (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ) كما ينزل جبريل [] (٦) وغيره من الملائكة على الأنبياء، ، (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)، فهو علي عليم خبير حكيم.

﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ (٥٣)

وقوله (٧) (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) يعني: القرآن، (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ) أي: على التفصيل الذي شرع لك في القرآن، (وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ) أي: القرآن (نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا)، كقوله: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٤].

وقوله: (وَإِنَّكَ) [أي] (٨) يا محمد (لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وهو الخلق (٩) القويم. ثم فسره بقوله: (صِرَاطِ اللَّهِ [الَّذِي]) (١٠) أي: شرعه الذي أمر به الله، (الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) أي: ربهما ومالكهما، والمتصرف فيهما، الحاكم الذي لا معقب لحكمه، (أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ)، أي: ترجع الأمور، فيفصلها ويحكم فيها.

آخر تفسير سورة " [حم] (١١) الشورى" والحمد لله رب العالمين.


(١) في ت: "مقدمات".
(٢) ورواه البغوي في شرح السنة (١٤/ ٣٠٤) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد اليامي عمن أخبره عن ابن مسعود به.
(٣) رواه الترمذي في السنن برقم (٣٠١٠) وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".
(٤) زيادة من ت، أ.
(٥) في ت: "دار".
(٦) زيادة من م.
(٧) في ت: "فقوله".
(٨) زيادة من م.
(٩) في ت، م، أ: "الحق".
(١٠) زيادة من أ.
(١١) زيادة من أ.