للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل؛ ولهذا قال: (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)

وقوله: (وَقِيلِهِ (١) يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) أي: وقال: محمد: قيله، أي: شكا إلى ربه شكواه من قومه الذين كذبوه، فقال: يا رب، إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، كما أخبر تعالى في الآية الأخرى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: ٣٠] وهذا الذي قلناه هو [معنى] (٢) قول ابن مسعود، ومجاهد، وقتادة، وعليه فسر ابن جرير (٣).

قال البخاري: وقرأ عبد الله -يعني ابن مسعود-: "وقال الرسول يا رب". (٤)

وقال مجاهد في قوله: (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ)، قال: فأبر الله قول محمد.

وقال قتادة: هو قول نبيكم يشكو قومه إلى ربه ﷿.

ثم حكى ابن جرير في قوله: (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ) قراءتين، إحداهما النصب، ولها توجيهان: أحدهما أنه معطوف على قوله: ﴿نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ [الزخرف: ٨٠] والثاني: أن يقدر فعل، وقال: قيلَه. والثانية: الخفض، وقيلِهِ، عطفا على قوله: (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) تقديره: وعِلم قيله.

وقوله: (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) أي: المشركين، (وَقُلْ سَلامٌ) أي: لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيئ، ولكن تألفهم واصفح عنهم فعلا وقولا (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٥))، هذا تهديد منه تعالى لهم، ولهذا أحل بهم بأسه الذي لا يرد، وأعلى دينه وكلمته، وشرع بعد ذلك الجهاد والجلاد، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشر الإسلام في المشارق والمغارب.

آخر تفسير سورة الزخرف


(١) في ت: "وقيل هو".
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) تفسير الطبري (٢٥/ ٦٢).
(٤) صحيح البخاري (٨/ ٥٦٨) "فتح الباري".
(٥) في م: "تعلمون".