للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولهذا قال: (فَضْلا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي: إنما كان هذا (١) بفضله عليهم وإحسانه إليهم كما ثبت في الصحيح (٢) عن رسول الله أنه قال: "اعملوا وسددوا وقاربوا، واعلموا أن أحدًا لن يُدخله عمله الجنة" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه وفضل" (٣).

وقوله: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي: إنما يسرنا هذا القرآن الذي أنزلناه سهلا واضحًا بينًا جليًا بلسانك الذي هو أفصح اللغات وأجلاها وأحلاها وأعلاها (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي: يتفهمون ويعملون. ثم لما كان مع هذا البيان والوضوح من الناس من كفر وخالف وعاند، قال الله تعالى لرسوله مسليا له وواعدًا له بالنصر، ومتوعدًا لمن كذبه بالعطب والهلاك: (فَارْتَقِبْ) أي: انتظر (إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) أي: فسيعلمون (٤) لمن يكون النصر والظفر وعُلُو الكلمة في الدنيا والآخرة، فإنها لك يا محمد ولإخوانك من النبيين والمرسلين ومن اتبعكم من المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٢١]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [غافر: ٥١، ٥٢].

آخر تفسير سورة الدخان، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة


(١) في ت: "ذلك".
(٢) في أ: "الصحيحين".
(٣) صحيح البخاري برقم (٦٤٦٧) من حديث عائشة، .
(٤) في م: "فستعلمون".