للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢)

يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة، فقال: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أي: آمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحات (١)، وهي الخالصة الموافقة للشرع، (فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ)، وهي الجنة، كما ثبت في الصحيح أن الله قال للجنة: "أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء" (٢).

(ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) أي: البين الواضح.

ثم قال: (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ) أي: يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا: أما (٣) قرئت عليكم آيات الرحمن فاستكبرتم عن اتباعها، وأعرضتم عند (٤) سماعها، (وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ) أي: في أفعالكم، مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب؟

(وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا) أي: إذا قال لكم المؤمنون ذلك، (قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) أي: لا نعرفها، (إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا) أي: إن نتوهم وقوعها إلا توهما، أي مرجوحا (٥)؛ ولهذا قال: (وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) أي: بمتحققين.

﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٣) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٤) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٣٥) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧)﴾.

قال الله تعالى: (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا) أي: وظهر لهم عقوبة أعمالهم السيئة، (وَحَاقَ بِهِمْ) أي: أحاط بهم (مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) أي: من العذاب والنكال، (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ) أي: نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم (كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) أي: فلم تعملوا له لأنكم لم تصدقوا به، (وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)

وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة: "ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟


(١) في ت، أ: "الصالحة".
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٨٥٠) من حديث أبي هريرة، .
(٣) في أ: "لما".
(٤) في أ: "عن".
(٥) في أ: "مرجوعا".