للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بكر: سُنَّة هرقل وقيصر. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا) الآية، فبلغ ذلك عائشة فقالت: كذب مروان! والله ما هو به، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله لعن أبا مروان ومروانُ في صلبه، فمروان فَضَضٌ (١) من لعنة الله (٢).

وقوله: (أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) أي: [أن] (٣) أبعث (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) أن (٤) قد مضى الناس فلم يرجع منهم مخبر، (وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ) أي: يسألان الله فيه أن يهديه ويقولان لولدهما: (وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ) قال الله [تعالى] (٥) (أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ) أي: دخلوا في زمرة أشباههم وأضرابهم من الكافرين الخاسرين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.

وقوله: (أولئك) بعد قوله: (وَالَّذِي قَالَ) دليل على ما ذكرناه من أنه جنس يعم كل من كان كذلك.

وقال الحسن وقتادة: هو الكافر الفاجر العاق لوالديه، المكذب بالبعث.

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة سهل بن داود، من طريق هشام بن عمار: حدثنا حماد بن عبد الرحمن، حدثنا خالد بن الزبرقان الحلبي، عن سليمان بن حبيب المحاربي، عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي قال: "أربعة لعنهم الله من فوق عرشه، وأَمَّنتْ عليهم الملائكة: مضل المساكين -قال خالد: الذي يهوي بيده إلى المسكين فيقول: هلم أعطيك، فإذا جاءه قال: ليس معي شيء-والذي يقول للمكفوف: اتق الدابة، وليس بين يديه شيء. والرجل يسأل عن دار القوم فيدلونه على غيرها، والذي يضرب الوالدين حتى يستغيثا" (٦). غريب جدا.

وقوله: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) أي: لكل عذاب بحسب عمله، (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي: لا يظلمهم مثقال ذرة فما دونها.

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: درجات النار تذهب سفالا ودرجات الجنة تذهب علوا.

وقوله: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا) أي: يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا. وقد تورع [أمير المؤمنين] (٧) عمر بن الخطاب، ، عن (٨) كثير من طيبات المآكل والمشارب، وتنزه عنها، ويقول: [إني] (٩) أخاف أن أكون كالذين قال الله تعالى لهم وقَرَّعهم: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا)


(١) في أ: "بعض".
(٢) النسائي في السنن الكبرى برقم (١١٤٩١).
(٣) زيادة من ت.
(٤) في ت، أ: "أي".
(٥) زيادة من ت، م.
(٦) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (١٠/ ٢٢١) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٤/ ٢٥١) من طريق هشام بن عمار به. قال ابن أبي حاتم في العلل (٢/ ٤١٣): "سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا حديث منكر". قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٢٥١): "حماد بن عبد الرحمن العكي عن خالد بن الزبرقان، وكلاهما ضعيف".
(٧) زيادة من ت، م، أ.
(٨) في أ: "على".
(٩) زيادة من ت، م، أ.