للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه. فمرت به سحابات سود، فنودي منها: "اختر"، فأومأ إلى سحابة منها سوداء، فنودي منها: "خذها رمادًا رمددًا (١)، لا تبقي من عاد أحدا". قال: فما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا، حتى هلكوا-قال أبو وائل: وصدق -وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدًا لهم قالوا: "لا تكن كوافد عاد".

رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، كما تقدم في سورة "الأعراف" (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا عمرو: أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار، عن عائشة (٣) أنها قالت: ما رأيت رسول الله مستجمعًا ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم. قالت: وكان (٤) إذا رأى غيما -أو ريحا-عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ فقال: "يا عائشة، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا". وأخرجاه (٥) من حديث ابن وهب (٦).

طريق أخرى: قال أحمد: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله كان إذا رأى ناشئا في أفق من آفاق السماء، ترك عمله، وإن كان في صلاته، ثم يقول: "اللهم، إني أعوذ بك من شر ما فيه" (٧). فإن كشفه الله حمد الله، وإن أمطرت قال: "اللهم، صيبا نافعا" (٨).

طريق أخرى: قال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب، سمعت ابن جريج يحدث عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة قالت: كان رسول الله إذا عصفت الريح قال: "اللهم، إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به". قالت: وإذا تَخَيَّلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سري عنه، فعرفت ذلك عائشة، فسألته، فقال: "لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا") (٩).

وقد ذكرنا قصة هلاك عاد (١٠) في سورتي "الأعراف وهود" (١١) بما أغنى عن إعادته هاهنا، ولله


(١) في ت: "رمدا".
(٢) المسند (٣/ ٤٨٢) وانظر تخريج بقية هذا الحديث عند الآية: ٧٣ من سورة الأعراف.
(٣) في ت: "عائشة ".
(٤) في ت، م: "وكان رسول الله ".
(٥) في ت: "أخرجه".
(٦) المسند (٦/ ٦٦) وصحيح البخاري برقم (٤٨٢٨، ٤٨٢٩) وصحيح مسلم برقم (٨٩٩).
(٧) في م: "من سوء عاقبته".
(٨) المسند (٦/ ١٩٠).
(٩) صحيح مسلم برقم (٨٩٩).
(١٠) في ت، م، أ: "هلاك قوم عاد".
(١١) راجع قصة هلاك قوم عاد عند تفسير الآيات: ٦٥ - ٧٢ من سورة الاعراف والآيات: ٥٠ - ٦٠ من سورة هود.