للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محمد-لو يجد الموت وهو يكره عليه فقلت: يا جبرائيل (١)، من هؤلاء: قال: هؤلاء الهمَّازون اللمَّازون أصحاب النميمة. فيقال (٢): (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) وهو يكره على أكل لحمه.

هكذا أورد هذا الحديث، وقد سقناه بطوله في أول تفسير "سورة سبحان" ولله الحمد (٣).

وقال أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا الربيع، عن يزيد، عن أنس؛ أن رسول الله أمر الناس أن يصوموا يوما ولا يفطرن أحدٌ حتى آذن له. فصام الناس، فلما أمسوا جعل الرجل يجيء إلى رسول الله فيقول: ظللت منذ اليوم صائما، فائذن لي. فأفطر فيأذن له، ويجيء الرجل فيقول ذلك، فيأذن له، حتى جاء رجل فقال: يا رسول الله، إن فتاتين من أهلك ظلتا منذ اليوم صائمتين، فائذن لهما فَلْيفطرا فأعرض عنه، ثم أعاد، فقال رسول الله : "ما صامتا، وكيف صام من ظل يأكل لحوم الناس؟ اذهب، فمرهما إن كانتا صائمتين أن يستقيئا". ففعلتا، فقاءت كل واحدة منهما عَلَقةً علقَةً فأتى النبي فأخبره، فقال رسول الله : "لو ماتتا وهما فيهما لأكلتهما النار" (٤).

إسناد ضعيف، ومتن غريب. وقد رواه الحافظ البيهقي من حديث يزيد بن هارون: حدثنا سليمان التيمي قال: سمعت رجلا يحدث في مجلس أبي عثمان النَّهْدِي عن عبيد -مولى رسول الله (٥) -أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله ، وأن رجلا أتى رسول الله فقال: يا رسول الله، إن هاهنا امرأتين صامتا، وإنهما كادتا تموتان من العطش -أرَاهُ قال: بالهاجرة-فأعرض عنه -أو: سكت عنه-فقال: يا نبي الله، إنهما -والله قد ماتتا أو كادتا تموتان (٦). فقال: ادعهما. فجاءتا، قال: فجيء بقدح -أو عُسّ-فقال لإحداهما: " قيئي" فقاءت من قيح ودم وصديد حتى قاءت نصف القدح. ثم قال للأخرى: قيئي فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما ودما عبيطا وغيره حتى ملأت القدح. فقال: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس.

وهكذا قد رواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون وابن أبي عدي، كلاهما عن سليمان بن طِرْخان التيمي، به مثله أو نحوه (٧). ثم رواه أيضا من حديث مُسَدَّد، عن يحيى القَطَّان، عن عثمان بن غياث، حدثني رجل أظنه في حلقة أبي عثمان، عن سعد -مولى رسول الله -أنهم أمروا بصيام، فجاء رجل في نصف النهار فقال: يا رسول الله، فلانة وفلانة قد بلغتا الجهد. فأعرض عنه مرتين أو ثلاثا، ثم قال: "ادعهما". فجاء بعُس -أو: قَدَح-فقال لإحداهما: "قيئي"، فقاءت لَحْمًا ودمًا عبيطا وقيحا، وقال للأخرى مثل ذلك، فقال: "إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، أتت إحداهما للأخرى فلم تزالا تأكلان لحوم الناس حتى امتلأت أجوافهما


(١) في ت، م: "جبريل".
(٢) في أ: "فقال".
(٣) عند الآية الأولى.
(٤) مسند الطيالسي برقم (٢١٠٧).
(٥) في ت، م: "رسول الله ".
(٦) في ت: "أن تموتا".
(٧) المسند (٥/ ٤٣١) ورواه ابن أبي الدنيا في الصمت برقم (١٧١) من طريق يزيد بن هارون عن سليمان التيمي به.