للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: (ذَاتِ الْحُبُكِ): حبكت بالنجوم.

وقال قتادة: عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة، عن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ): يعني: السماء السابعة.

وكأنه -والله أعلم-أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة، وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع، والله أعلم. وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد، وهو الحسن والبهاء، كما قال ابن عباس (١)، فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة، شديدة البناء، متسعة الأرجاء، أنيقة البهاء، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات، موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات.

وقوله: (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) أي: إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول مختلف مضطرب، لا يلتئم ولا يجتمع.

وقال قتادة: إنكم لفي قول مختلف، [يعني] (٢) ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به.

(يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) أي: إنما يروج على من هو ضال في نفسه؛ لأنه قول باطل إنما ينقاد له ويضل بسببه ويؤفك عنه من هو مأفوك ضال غَمْر، لا فهم له، كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦١ - ١٦٣].

قال ابن عباس، والسدي: (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ): يضل عنه من ضل. وقال مجاهد: (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) يؤفن عنه من أفن. وقال الحسن البصري: يصرف عن هذا القرآن من كذب به.

وقوله: (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) قال مجاهد: الكذابون. قال: وهي مثل التي في عبس: ﴿قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧]، والخراصون الذين يقولون لا نبعث ولا يوقنون.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) أي: لعن المرتابون.

وهكذا كان معاذ، ، يقول في خطبه: هلك المرتابون. وقال قتادة: الخراصون أهل الغرة والظنون.

وقوله: (الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ): قال ابن عباس وغير واحد: في الكفر والشك غافلون لاهون.

(يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ): وإنما يقولون هذا تكذيبا وعنادا وشكا واستبعادا. قال الله تعالى: (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ).

قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وغير واحد: (يفتنون): يعذبون [قال مجاهد] (٣): كما


(١) في م، أ: "عنه".
(٢) زيادة من أ.
(٣) زيادة من م، أ.