للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ (١) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأشَجّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْف: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرين: مَا الْقَلْبُ السَّلِيمُ؟ قَالَ: يعلم (٢) أن الله حق، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: سَلِيمٌ مِنَ الشِّرْكِ، وَقَالَ عُرْوَةُ: لَا يَكُونُ لَعَّانًا.

وَقَوْلُهُ: {إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ} : أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ، وَلِهَذَا قَالَ: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ. فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ قَتَادَةُ: [يَعْنِي] : (٣) مَا (٤) ظَنُّكُمْ بِهِ أَنَّهُ فَاعِلٌ بِكُمْ إِذَا لَاقَيْتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ؟!

{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ (٩٨) }

إِنَّمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِقَوْمِهِ ذَلِكَ، لِيُقِيمَ فِي الْبَلَدِ إِذَا ذَهَبُوا إِلَى عِيدِهِمْ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَزِفَ خروجُهم إِلَى عِيدٍ لَهُمْ، فَأَحَبَّ أَنْ يَخْتَلِيَ بِآلِهَتِهِمْ لِيَكْسِرَهَا، فَقَالَ لَهُمْ كَلَامًا هُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَهموا مِنْهُ أَنَّهُ سَقِيمٌ عَلَى مُقْتَضَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ، {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} قَالَ قَتَادَةُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ تَفَكَّرَ: نَظَرَ فِي النُّجُومِ: يَعْنِي قَتَادَةُ: أَنَّهُ نَظَّرَ فِي (٥) السَّمَاءِ مُتَفَكِّرًا فِيمَا يُلْهِيهِمْ (٦) بِهِ، فَقَالَ: {إِنِّي سَقِيمٌ} أَيْ: ضَعِيفٌ.

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (٧) ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، غَيْرَ ثَلَاثِ كَذْبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} ، وَقَوْلُهُ {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الْأَنْبِيَاءِ: ٦٢] ، وَقَوْلُهُ فِي سَارَةَ: هِيَ أُخْتِي" (٨) فَهُوَ حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ (٩) وَالسُّنَنِ مِنْ طَرُقٍ (١٠) ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْكَذِبِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي يُذَمُّ فَاعِلُهُ، حَاشَا وَكَلَّا وَإِنَّمَا أُطْلِقَ الْكَذِبُ على هذا


(١) في ت: "وروى".
(٢) في ت: "تعلم".
(٣) زيادة من س، أ.
(٤) في ت: "فما".
(٥) في ت، س: "إلى".
(٦) في س: "يكيدهم".
(٧) في ت: "فأما الحديث الذي رواه البخاري وأهل السنن عن أبي هريرة"
(٨) تفسير الطبري (٢٣/٤٥) في السنن الكبرى برقم (٨٣٧٤) من طريق حماد بن أسامة به.
(٩) في ت: "الصحيح".
(١٠) جاء من طريق أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: رواه البخاري في صحيحه برقم (٥٠٨٤) زمسلم في صحيحه برقم (٢٣٧١) من طريق جرير بن حازم به، ورواه البخاري في صحيحه برقم (٣٣٥٨) من طريق حماد بن زيد به. وجاء مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: رواه الترمذي في السنن برقم (٣١٦٦) من طريق محمد بن إسحاق به، ورواه النسائي في السنن الكبرى برقم (٨٣٧٥) من طريق شعيب بن أبي حمزة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>