للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال ابن أبي حاتم: وحدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، أخبرني عَبَّاد بن منصور قال: سألت عكرمة: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)، فقال عكرمة: تريد أن أخبرك أنه قد رآه؟ قلت: نعم. قال: قد رآه، ثم قد رآه. قال: فسألت عنه الحسن فقال: رأى جلاله وعَظَمته ورِداءَه.

وحدثنا أبي، حدثنا محمد بن مجاهد، حدثنا أبو عامر العقدي، أخبرنا أبو خلدة، عن أبي العالية قال: سُئِل رسول الله : هل رأيت ربك؟ قال: "رأيت نهرا، ورأيت وراء النهر حجابا، ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير" (١).

وذلك غريب جدا، فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد:

حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "رأيت ربي ﷿" (٢).

فإنه حديث إسناده على شرط الصحيح، لكنه مختصر من حديث المنام كما رواه الإمام أحمد أيضا:

حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن أيوب، عن أبي قِلابة عن ابن عباس؛ أن رسول الله قال: "أتاني ربي الليلة في أحسن صورة -أحسبه يعني في النوم-فقال: يا محمد، أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ " قال: "قلت: لا. فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بَرْدَها بين ثدييّ -أو قال: نَحْرِي-فعلمت ما في السموات وما في الأرض، ثم قال: يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ " قال: "قلت: نعم، يختصمون في الكفارات والدرجات". قال: "وما الكفارات والدرجات؟ " قال: "قلت: المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجُمُعات (٣)، وإبلاغ الوضوء في المكاره، من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. وقال: قل يا محمد إذا صليت: اللهم، إني أسألك الخيرات (٤) وترك المنكرات، وحبّ المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون". قال: "والدرجات بَذْلُ الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام" (٥).

وقد تقدم في آخر سورة "ص"، عن معاذ نحوه (٦). وقد رواه ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس، وفيه سياق آخر وزيادة غريبة فقال:

حدثني أحمد بن عيسى التميمي، حدثني سليمان بن عُمَر بن سَيَّار، حدثني أبي، عن سعيد بن زَرْبِي، عن عمر بن سليمان (٧)، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال النبي : "رأيت ربي في


(١) ورواه ابن المنذر كما في الدر المنثور (٧/ ٦٤٨) وهو مرسل.
(٢) المسند (١/ ٢٨٥).
(٣) في هـ، أ: "الجماعات".
(٤) في م: "إني أسألك فعل الخيرات".
(٥) المسند (١/ ٣٦٨).
(٦) انظر تفسير الآية: ٦٩ من سورة "ص".
(٧) في أ: "سليم".