للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا العرار بن سويد، عن عميرة بن سعد قال: كنت مع علي بن أبي طالب، ، على شاطئ الفرات إذ أقبلت سفينة مرفوع شراعها، فبسط على يديه ثم قال: يقول الله ﷿: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ). والذي أنشأها تجري في [بحر من] (١) بحوره ما قتلتُ عثمان، ولا مالأت على قتله.

﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٨) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٠)

يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السموات، إلا من شاء الله، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم؛ فإن الرب -تعالى وتقدس-لا يموت، بل هو الحي الذي لا يموت أبدا.

قال قتادة: أنبأ بما خلق، ثم أنبأ أن ذلك كله كان (٢).

وفي الدعاء المأثور: يا حي، يا قيوم، يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت، برحمتك نستغيث (٣)، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك.

وقال الشعبي: إذا قرأت (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)، فلا تسكت حتى تقرأ: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ).

وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه (ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ) أي: هو أهل أن يجل فلا يعصى، وأن يطاع فلا يخالف، كقوله: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: ٢٨]، وكقوله إخبارا عن المتصدقين: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ [الإنسان: ٩]

قال ابن عباس: (ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ) ذو العظمة والكبرياء.

ولما أخبر عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل قال: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).

وقوله: (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) وهذا إخبار عن غناه عما سواه وافتقار الخلائق إليه في جميع الآنات، وأنهم يسألونه بلسان حالهم وقالهم، وأنه كل يوم هو في شأن.


(١) زيادة من أ.
(٢) في م: "فان".
(٣) في م: "استغيث".