للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو موسى: جنتان من ذهب للمقربين، وجنتان من فضة لأصحاب اليمين.

وقال ابن عباس: (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) من دونهما في الدرج. وقال ابن زيد: من دونهما في الفضل.

والدليل على شرف الأوليين على الأخريين وجوه: أحدها: أنه نعت الأولين قبل هاتين، والتقديم يدل على الاعتناء ثم قال: (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ). وهذا ظاهر في شرف التقدم (١) وعلوه على الثاني.

وقال هناك: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾: وهي الأغصان أو الفنون في الملاذ، وقال هاهنا: (مُدْهَامَّتَان) أي سوداوان من شدة الري.

قال ابن عباس في قوله: (مُدْهَامَّتَان) قد اسودتا من الخضرة، من شدة الري من الماء.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن فُضَيْل، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (مُدْهَامَّتَان): قال: خضراوان. ورُوي عن أبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن أبي أَوْفَى، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، ومجاهد -في إحدى الروايات-وعطاء، وعطية العَوْفي، والحسن البصري، ويحيى بن رافع، وسفيان الثوري، نحو ذلك.

وقال محمد بن كعب: (مُدْهَامَّتَان): ممتلئتان من الخضرة. وقال قتادة: خضراوان من الري ناعمتان. ولا شك في نضارة الأغصان على الأشجار المشبكة بعضها في بعض. وقال هناك: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ﴾، وقال هاهنا: (نَضَّاخَتَان)، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي فياضتان. والجري أقوى من النضخ.

وقال الضحاك: (نَضَّاخَتَان) أي ممتلئتان لا تنقطعان.

﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٧) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (٧٨)﴾.

وقال هناك: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾، وقال هاهنا: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ)، ولا شك أن الأولى أعم وأكثر في الأفراد والتنويع على فاكهة، وهي نكرة في سياق الإثبات لا تعم؛ ولهذا فسر قوله: (وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) من باب عطف الخاص على العام، كما قرره البخاري وغيره، وإنما أفرد النخل والرمان بالذكر لشرفهما على غيرهما.

قال عبد بن حميد: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا حصين بن عمر، حدثنا مخارق، عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله فقالوا: يا محمد، أفي (٢) الجنة فاكهة؟ قال: "نعم، فيها فاكهة ونخل ورمان". قالوا: أفيأكلون كما يأكلون في الدنيا؟ قال: "نعم وأضعاف". قالوا: فيقضون الحوائج؟ قال: "لا ولكنهم يعرقون ويرشحون، فيذهب الله ما في بطونهم من أذى" (٣).


(١) في أ: "التقديم".
(٢) في م: "في".
(٣) المنتخب برقم (٣٥) وفيه حصين بن عمر وهو متروك.