للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونقتدي به. وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها، فهي الساعة، علينا تقوم، لا نبي بعدي، ولا أمة بعد أمتي". قال: فما سأل رسول الله عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل، فيحدثه بها متبرعا (١).

وقوله: (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) قال ابن عباس: أي مرمولة بالذهب، يعني: منسوجة به. وكذا قال مجاهد، وعِكْرِمَة، وسعيد بن جُبَيْر، وزيد بن أسلم، وقتادة، والضحاك، وغيره.

وقال السُّدِّيّ: مرمولة بالذهب واللؤلؤ. وقال عكرمة: مشبكة بالدر والياقوت. وقال ابن جرير: ومنه سمي وضين الناقة الذي تحت بطنها، وهو فعيل بمعنى مفعول؛ لأنه مضفور، وكذلك السرر في الجنة مضفورة بالذهب واللآلئ.

وقال: (مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ) أي: وجوه بعضهم إلى بعض، ليس أحد وراء أحد.

﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلا قِيلا سَلامًا سَلامًا (٢٦)﴾.

(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ) أي: مخلدون على صفة واحدة، لا يكبرون عنها ولا يشيبون ولا يتغيرون، (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ)، أما الأكواب فهي: الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان. والأباريق: التي جمعت الوصفين. والكؤوس: الهنابات، والجميع من خمر من عين جارية مَعِين، ليس من أوعية تنقطع وتفرغ، بل من عيون سارحة.

وقوله: (لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزفُونَ) أي: لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة.

وروى الضحاك، عن ابن عباس، أنه قال: في الخمر أربع خصال: السكر، والصداع، والقيء، والبول. فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال.

وقال مجاهد، وعِكْرِمَة، وسعيد بن جُبَيْر، وعطية، وقتادة، والسُّدِّيّ: (لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا) يقول: ليس لهم فيها صداع رأس.

وقالوا في قوله: (وَلا يُنزفُونَ) أي: لا تذهب بعقولهم.

وقوله: (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي: ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار.

وهذه الآية دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخير لها، ويدل على ذلك حديث "عِكْراش بن ذؤيب" الذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي، ، في مسنده: حدثنا العباس بن الوليد النَّرْسِي، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية، حدثنا عبيد الله بن عِكْراش، عن أبيه عِكْراش بن ذؤيب، قال: بعثني بنو مرة في صدقات أموالهم إلى رسول الله ، فقدمت المدينة فإذا هو جالس بين المهاجرين والأنصار، وقدمت عليه بإبل كأنها عروق الأرطى، قال: "من الرجل؟ "


(١) دلائل النبوة (٧/ ٣٦) وفي إسناده سليمان بن عطاء بن قيس، قال ابن حبان في المجروحين (١/ ٣٢٩): "شيخ يروي عن مسلمة ابن عبد الله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي بأشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات فلست أدري التخليط فيها منه أو من مسلمة بن عبد الله".