للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) أي: تزجرون به (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي: خبير بما يصلحكم، عليم بأحوالكم.

وقوله: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) وقد تقدمت الأحاديث الواردة (١) بهذا على الترتيب، كما ثبت في الصحيحين في قصة الذي جامع امرأته في رمضان.

(ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) أي: شرعنا هذا لهذا.

وقوله: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) أي: محارمه فلا تنتهكوها.

وقوله: (وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي: الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة، لا تعتقدوا أنهم ناجون من البلاء، كلا ليس الأمر كما زعموا، بل لهم عذاب أليم، أي: في الدنيا والآخرة.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦)

يخبر تعالى عمن شاقوا الله ورسوله وعاندوا شرعه (كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي: أهينوا ولعنوا وأخزوا، كما فعل بمن أشبههم ممن قبلهم (وَقَدْ أَنزلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) أي: واضحات لا يخالفها ولا يعاندها إلا كافر فاجر مكابر، (وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) أي: في مقابلة ما استكبروا عن اتباع شرع الله، والانقياد له، والخضوع لديه.

ثم قال: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا) وذلك يوم القيامة، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، (فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا) أي: يخبرهم (٢) بالذي صنعوا من خير وشر (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) أي: ضبطه الله وحفظه عليهم، وهم قد نسوا ما كانوا عليه، (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي: لا يغيب عنه شيء، ولا يخفى ولا ينسى شيئًا.

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)

ثم قال تعالى مخبرًا عن إحاطة علمه بخلقه واطلاعه عليهم، وسماعه كلامهم، ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا، فقال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ)


(١) في م: "الآمرة".
(٢) في أ: "فيجزيهم".