للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ -وَهُوَ ضَعِيفٌ-بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ -فِي قَسْمِ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ-قَرِيبٌ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ. وذكْرُ نُزُولِهَا فِي الْمَدِينَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَلَيْسَ يَظْهَرُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَبَيْنَ السِّيَاقِ مُنَاسَبَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا علي بن الحسين، حَدَّثَنَا رَجُلٌ سَمَّاهُ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِمَوَدَّتِهِمْ؟ قَالَ: "فَاطِمَةُ وَوَلَدُهَا، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ" (٢) .

وَهَذَا إِسْنَادٌ (٣) ضَعِيفٌ، فِيهِ مُبْهَمٌ لَا يُعْرَفُ، عَنْ شَيْخٍ شِيعِيٍّ مُتَخَرّق (٤) ، وَهُوَ حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ. وَذِكْرُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْمَدِينَةِ بَعِيدٌ؛ فَإِنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ لِفَاطِمَةَ أَوْلَادٌ بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْلِيٍّ إِلَّا بَعْدَ بَدْرٍ مِنَ (٥) السَّنَةِ الثانية من الهجرة.

والحق تفسير الآية بِمَا فَسَّرَهَا بِهِ الْإِمَامُ حَبرُ الْأُمَّةِ، وَتُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ [رَحِمَهُ اللَّهُ] (٦) وَلَا تُنْكَرُ الْوَصَاةُ (٧) بِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَالْأَمْرُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَاحْتِرَامِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةٍ طَاهِرَةٍ، مِنْ أَشْرَفِ بَيْتٍ وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَخْرًا وَحَسَبًا وَنَسَبًا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِلسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَةِ الْوَاضِحَةِ الْجَلِيَّةِ، كَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُهُمْ، كَالْعَبَّاسِ وَبَنِيهِ، وَعَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، رَضِيَ الله عنهم أجمعين.

و [قد ثَبَتَ] (٨) فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ بغَدِير خُمّ: "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي، وَإِنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ" (٩) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ (١٠) ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قُرَيْشًا إِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَقُوهُمْ بِبِشْرٍ حَسَنٍ، وَإِذَا لَقُونَا لَقُونَا بِوُجُوهٍ لَا نَعْرِفُهَا؟ قَالَ: فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَدْخُلُ قَلْبَ الرَّجُلِ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ" (١١) .

ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ (١٢) حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: دَخَلَ الْعَبَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّا لَنَخْرُجُ فَنَرَى قُرَيْشًا تُحدث، فإذا رأونا


(١) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده".
(٢) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١١/٤٤٤) من طريق حرب الطحان عن حسين الأشقر به.
(٣) في أ: "الإسناد".
(٤) في أ: "مخترق".
(٥) في أ: "في".
(٦) زيادة من ت، م، أ.
(٧) في ت: "ولا ينكر الوصاية".
(٨) زيادة من ت، أ.
(٩) صحيح مسلم برقم (٢٤٠٨) بنحوه من حديث زيد بن الأرقم.
(١٠) في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده".
(١١) المسند (١/٢٠٧) .
(١٢) في ت: "ثم روى الإمام أحمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>