للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥) }

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَخَلِيلِهِ إِمَامِ الْحُنَفَاءِ، وَوَالِدِ مَنْ بُعِثَ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، الَّذِي تَنْتَسِبُ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فِي نَسَبِهَا وَمَذْهَبِهَا: أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ فِي عِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ، فَقَالَ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ. إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ. وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} أَيْ: هَذِهِ الْكَلِمَةَ، وَهِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَخَلْعِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَوْثَانِ، وَهِيَ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" أَيْ: جَعَلَهَا دَائِمَةً فِي ذُرِّيَّتِهِ يَقْتَدِي بِهِ فِيهَا مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أَيْ: إِلَيْهَا.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ (١) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} يَعْنِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَا يَزَالُ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَقُولُهَا. ورُوي نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ. وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ} يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ، {وَآبَاءَهُمْ} أَيْ: فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ فِي ضَلَالِهِمْ (٢) ، {حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ} أَيْ: بَيِّنُ الرِّسَالَةِ وَالنِّذَارَةِ.

{وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} أَيْ: كَابَرُوهُ وَعَانَدُوهُ وَدَفَعُوا (٣) بِالصُّدُورِ وَالرَّاحِ كُفْرًا وَحَسَدًا وَبَغْيًا، {وَقَالُوا} [أَيْ] (٤) كَالْمُعْتَرِضِينَ عَلَى الَّذِي أَنْزَلَهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ: {لَوْلا نزلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} أَيْ: هَلَّا كَانَ إِنْزَالُ هَذَا الْقُرْآنِ عَلَى رَجُلٍ عَظِيمٍ كَبِيرٍ فِي أَعْيُنِهِمْ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ؟ يَعْنُونَ مَكَّةَ وَالطَّائِفَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، وابن زيد.


(١) في ت: "وغيرهما".
(٢) في م: "ضلالتهم".
(٣) في أ: "ودفعوه".
(٤) زيادة من ت، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>