للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال يونس بن بُكَيْر، عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عُمَر بن قتادة، في قصة بني المصطلق: فبينا رسول الله مقيم هناك، اقتتل على الماء جَهجاه بن سعيد الغفاري -وكان أجيرا-لعمر بن الخطاب، وسنان بن وَبْر (١) قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال: ازدحما على الماء فاقتتلا فقال سنان: يا معشر الأنصار. وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين -وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد الله بن أبي-فلما سمعها قال: قد ثاورُونا في بلادنا. والله ما مثلُنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل: "سَمن كلبك يأكلك". والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. ثم أقبل على من عنده من قومه وقال: هذا ما صنعتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم في بلادكم إلى غيرها. فسمعها زيد ابن أرقم، فذهب بها إلى رسول الله وهو غُلَيّمٌ -وعنده عمر بن الخطاب -فأخبره الخبر، فقال عمر : يا رسول الله مر عَبّاد بن بشرْ (٢) فليضرب عنقه. فقال : "فكيف إذا تحدث الناس -يا عمر-أن محمدا يقتل أصحابه؟ لا ولكن ناد يا عمر في الرحيل".

فلما بلغ عبد الله بن أبي أن ذلك قد بلغ رسولَ الله ، أتاه فاعتذر إليه، وحلف بالله ما قال ما قال عليه زيد بن أرقم -وكان عند قومه بمكان-فقالوا: يا رسول الله، عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل.

وراح رسول الله مُهجرًا في ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه أسيد بن الحضير فسلم عليه بتحية النبوة، ثم قال: والله لقد رُحتَ في ساعة مُنكَرَة ما كنت تروح فيها. فقال رسول الله : "أما بلغك (٣) ما قال صاحبك ابن أبي؟. زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل". قال: فأنت -يا رسول الله-العزيزُ وهو الذليل. ثم قال: يا رسول الله ارفق به فوالله لقد جاء الله بك وإنا لننظم له الخَرزَ لِنُتَوّجه، فإنه ليرى (٤) أن قد استلبتَه ملكا.

فسار رسول الله بالناس حتى أمسوا، وليلته حتى أصبحوا، وصَدرَ يومه حتى اشتد الضحى. ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث، فلم يأمن الناس أن وجدوا مَس الأرض فناموا، ونزلت سورة المنافقين (٥)

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا (٦) عمرو بن دينار، سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا مع رسول الله في غَزَاة فكَسَعَ رجلٌ من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: ياللأنصار. وقال المهاجري: يا للمهاجرين. فقال رسول الله : "ما بال دعوى الجاهلية؟ دعوها فإنها منتنة". وقال عبد الله بن أبي بن سلول -وقد فعلوها-: والله لئن رجعنا


(١) في م: "سنان بن يزيد".
(٢) في أ: "بشير".
(٣) في م: "ما بلغك".
(٤) في م: "يرى".
(٥) السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢).
(٦) في م: "عن".