للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن أرقم يقول: خرجنا مع رسول الله في سفر، فأصاب الناس شدةٌ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله. وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فأتيت النبي فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله، فاجتهد يمينَه ما فعل. فقالوا: كذب زيد يا رسول الله. فوقع في نفسي ما قالوا، حتى أنزل الله تصديقي: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ قال: ودعاهم رسول الله ليستغفر لهم، فلووا رؤوسهم. وقوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ قال: كانوا رجالا أجمل شيء.

وقد رواه البخاري ومسلم والنسائي، من حديث زهير (١) ورواه البخاري أيضا والترمذي من حديث إسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق عمرو (٢) بن عبد الله السَّبيعيّ الهمداني الكوفي، عن زيد، به (٣).

طريق أخرى عن زيد: قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حُمَيد، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي سعد (٤) الأزدي قال: حدثنا زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول الله وكان معنا أناس من الأعراب، فكنا نَبتَدرُ الماء، وكان الأعراب يسبقوننا يسبق الأعرابي أصحابه يملأ الحوض، ويجعل حوله حجارة، ويجعل النّطع عليه حتى يجيء أصحابه. قال: فأتى رجل من الأنصار الأعرابي، فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه، فانتزع حجرًا ففاض الماء، فرفع الأعرابي خشبة، فضرب بها رأس الأنصاري فشجّه، فأتى عبدَ الله بن أبيّ رأسَ المنافقين فأخبره -وكان من أصحابه-فغضب عبد الله بن أبي، ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله -يعني الأعراب-وكانوا يحضرون رسول الله عند الطعام. فقال عبد الله لأصحابه: إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمدًا بالطعام، فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل. قال زيد: وأنا ردف عمي، فسمعت عبد الله فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول الله ، فأرسل إليه رسول الله، فحلف وجحد، قال: فصدقه رسول الله وكذبني، فجاء إلي عمي فقال: ما أردت إلا أن مقتك رسول الله وكذبكَ المسلمون. فوقع علي من الغم ما لم يقع على أحد قط، فبينما أنا أسير مع رسول الله في سفر وقد خَفَقْتُ برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله فَعَرَك أذني، وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني وقال: ما قال لك رسول الله قلت: ما قال لى رسول الله شيئًا، غير أن عرك أذني وضحك في وجهي. فقال: أبشر. ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر. فلما أن أصبحنا قرأ رسول الله سورة المنافقين.

انفرد بإخراجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهكذا رواه الحافظ البيهقي عن


(١) المسند (٤/ ٣٧٣) وصحيح البخاري برقم (٤٩٠٣) وصحيح مسلم برقم (٢٧٧٢) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٥٩٨).
(٢) في أ: "عن أبي إسحاق عن عمرو".
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٩٠٠) وسنن الترمذي برقم (٣٣١٢).
(٤) في م: "عن أبي سعيد".