يقول تعالى مخبرًا عن الأمم الماضين، وما حل بهم من العذاب والنكال؛ في مخالفة الرسل والتكذيب بالحق، فقال:(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) أي: خبرهم وما كان من أمرهم، (فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ) أي: وخيم تكذيبهم ورديء أفعالهم، وهو ما حل بهم في الدنيا من العقوبة والخزي (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي: في الدار الآخرة مضاف إلى هذا الدنيوي. ثم علل ذلك فقال:(ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) أي: بالحجج والدلائل والبراهين (فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا)؟ أي: استبعدوا أن تكون الرسالة في البشر، وأن يكون هداهم على يدي بشر مثلهم، (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) أي: كذبوا بالحق ونكلوا عن العمل، (وَاسْتَغْنَى اللَّهُ) أي: عنهم (وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين والكفار والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون:(قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ) أي: لتُخْبَرُنَّ بجميع أعمالكم، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، (وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) أي: بعثكم ومجازاتكم.
وهذه هي الآية الثالثة التي أمر الله رسوله ﷺ أن يقسم بربه، ﷿، على وقوع المعاد ووجوده فالأولى في سورة يونس: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [يونس: ٥٣] والثانية في سورة سبأ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ الآية [سبأ: ٣]