للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ الآية [غافر: ٦٤] وقوله: (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي: المرجع والمآب.

ثم أخبر تعالى عن علمه بجميع الكائنات السمائية والأرضية والنفسية، فقال: (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)

﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)

يقول تعالى مخبرًا عن الأمم الماضين، وما حل بهم من العذاب والنكال؛ في مخالفة الرسل والتكذيب بالحق، فقال: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) أي: خبرهم وما كان من أمرهم، (فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ) أي: وخيم تكذيبهم ورديء أفعالهم، وهو ما حل بهم في الدنيا من العقوبة والخزي (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي: في الدار الآخرة مضاف إلى هذا الدنيوي. ثم علل ذلك فقال: (ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) أي: بالحجج والدلائل والبراهين (فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا)؟ أي: استبعدوا أن تكون الرسالة في البشر، وأن يكون هداهم على يدي بشر مثلهم، (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) أي: كذبوا بالحق ونكلوا عن العمل، (وَاسْتَغْنَى اللَّهُ) أي: عنهم (وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)

﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين والكفار والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون: (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ) أي: لتُخْبَرُنَّ بجميع أعمالكم، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، (وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) أي: بعثكم ومجازاتكم.

وهذه هي الآية الثالثة التي أمر الله رسوله أن يقسم بربه، ﷿، على وقوع المعاد ووجوده فالأولى في سورة يونس: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [يونس: ٥٣] والثانية في سورة سبأ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ الآية [سبأ: ٣]