للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الأعمش، عن أبي ظِبْيان قال: كنا عند علقمة فقرئ عنده هذه الآية: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) فسئل عن ذلك فقال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم. رواه ابن جرير (١) وابن أبي حاتم (٢)

وقال سعيد بن جبير، ومقاتل بن حيان: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) يعني: يسترجع، يقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦]

وفي الحديث المتفق عليه: "عجبًا للمؤمن، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرًا له، إن أصابته ضَرَّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سَرَّاء شكر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن" (٣)

وقال أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا الحارث بن يزيد، عن علي بن رَبَاح؛ أنه سمع جنادة بن أبي أمية يقول: سمعت عبادة بن الصامت يقول: إن رجلا أتى رسول الله فقال: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله، وتصديق به، وجهاد في سبيله". قال: أريد أهونَ من هذا يا رسول الله. قال: " السماحة والصبر ". قال: أريد أهون من ذلك يا رسول الله. قال: "لا تتهم الله في شيء، قضى لك به". لم يخرجوه (٤)

وقوله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أمرٌ بطاعة الله ورسوله فيما شرع، وفعل ما به أمر وترك ما عنه نهى (٥) وزجر، ثم قال: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي: إن نكلتم عن العمل فإنما عليه ما حُمِّل من البلاغ، وعليكم ما حُمِّلْتم من السمع والطاعة.

قال الزهري: من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم (٦)

ثم قال تعالى مخبرًا أنه الأحد الصمد، الذي لا إله غيره، فقال: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فالأول خَبَرٌ عن التوحيد، ومعناه معنى الطلب، أي: وحدوا الإلهية له، وأخلصوها لديه، وتوكلوا عليه، كما قال تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا﴾ [المزمل: ٩].


(١) تفسير الطبري (٢٨/ ٧٩).
(٢) في م: "وابن أبي حاتم في تفسيرهما".
(٣) الحديث رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٩٩٩) من حديث صهيب الرومي، .
(٤) المسند (٥/ ٣١٨).
(٥) في م: "ما ينهي عنه".
(٦) رواه البخاري في صحيحه معلقًا (١٣/ ٥٠٣) "فتح".