للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد روى الطبراني ذلك مرفوعًا فقال: حدثنا أبو حبيب (١) زيد بن المهتدي المروذي (٢) حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني، حدثنا مُؤَمَّل بن إسماعيل، حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى مسلم بن صَبِيح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "إن أول ما خلق الله القلم والحوت، قال للقلم: اكتب، قال: ما أكتب، قال: كل شيء كائن إلى يوم القيامة". ثم قرأ: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) فالنون: الحوت. والقلم: القلم (٣).

حديث آخر في ذلك: رواه ابن عساكر عن أبي عبد الله مولى بني أمية، عن أبي صالح، عن أبي هُرَيرة: سمعت رسول الله يقول: "إن أول شيء خلقه الله القلم، ثم خلق "النون" وهي: الدواة. ثم قال له: اكتب. قال وما أكتب؟ قال: اكتب ما يكون -أو: ما هو كائن-من عمل أو رزق أو أثر أو أجل. فكتب ذلك إلى يوم القيامة، فذلك قوله: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) ثم ختم على القلم فلم يتكلم إلى يوم القيامة، ثم خلق العقل وقال: وعزتي لأكملنك فيمن أحببت، ولأنقصنك ممن أبغضت" (٤).

وقال ابن أبي نَجِيح: إن إبراهيم بن أبي بكر أخبره عن مجاهد قال: كان يقال: النون: الحوت [العظيم] (٥) الذي تحت الأرض السابعة.

وذكر البغوي وجماعة من المفسرين: إن على ظهر هذا الحوت صخرة سمكها كغلظ السماوات والأرض، وعلى ظهرها ثور له أربعون ألف قرن، وعلى متنه الأرضون السبع وما فيهن وما بينهن (٦) فالله أعلم. ومن العجيب (٧) أن بعضهم حمل على هذا المعنى الحديث الذي رواه الإمام أحمد:

حدثنا إسماعيل، حدثنا حُمَيد، عن أنس: أن عبد الله بن سلام بَلَغه مَقْدَم رسول الله المدينة، فأتاه فسأله عن أشياء، قال: إني سائلك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه؟ والولد ينزع إلى أمه؟ قال: "أخبرني بهن جبريل آنفًا". قال ابن سلام: فذاك عدو اليهود من الملائكة. قال: "أما أول أشراط الساعة فنار تَحشرهم (٨) من المشرق إلى المغرب. وأول طعام يأكله أهل الجنة زيادةُ كبد حوت. وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت".


(١) في أ: "أبو صهيب".
(٢) في أ: "المهدى".
(٣) المعجم الكبير (١١/ ٤٣٣) وقال: "لم يرفعه عن حماد بن زيد إلا مؤمل بن إسماعيل". ومؤمل كثير الخطأ، فلعله أخطأ في رفعه.
(٤) تاريخ دمشق (١٧/ ٤٩٢ "المخطوط") ورواه الحكيم الترمذي كما في إتحاف السادة المتقين (١/ ٤٥٤) من طريق يحيى الغساني، عن أبي عبد الله، عن أبي صالح، به. ورواه ابن عدي في الكامل (٦/ ٢٦٩) من طريق محمد بن وهب، عن مسلم، عن مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا بنحوه، قال: "هذا بهذا الإسناد باطل منكر" وآفته محمد بن وهب. قال الذهبي في الميزان: "صدق ابن عدي في أن هذا الحديث باطل".
(٥) زيادة من م.
(٦) معالم التنزيل (٨/ ١٨٦) وهذا من الإسرائيليات كما ذكر ذلك الشيخ محمد أبو شهبة في كتابه: "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" (ص ٣٠٥) وقال الإمام ابن القيم في المنار المنيف (ص ٧٦) في ذكر علامات الوضع: "أن يكون الحديث مما تشهد الشواهد الصحيحة على بطلانه، ومن هذا حديث: "إن الأرض على صخرة، والصخرة على قرن ثور، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة، فتحركت الأرض، وهي الزلزلة" والعجب من مسود كتبه بهذه الهذيانات". أ. هـ.
(٧) في أ: "ومن العجب".
(٨) في أ: "تحشر الناس".