للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (١) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا فُتِحَ عَلَى عَادٍ مِنَ الرِّيحِ إِلَّا مِثْلُ مَوْضِعِ الْخَاتَمِ، ثُمَّ أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ [فَحَمَلَتْهُمُ] الْبَدْوَ إِلَى الْحَضَرِ فَلَمَّا رَآهَا أَهْلُ الْحَضَرِ قَالُوا: هَذَا عَارَضٌ مُمْطِرُنَا مُسْتَقْبَلُ أَوْدِيَتِنَا. وَكَانَ أَهْلُ الْبَوَادِي فِيهَا، فَأُلْقِي أَهْلُ الْبَادِيَةِ عَلَى أَهْلِ الْحَاضِرَةِ حَتَّى هَلَكُوا. قَالَ: عَتَتْ عَلَى خُزَّانِهَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ خِلَالِ الْأَبْوَابِ (٢) " (٣) .

{وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨) } .

يَقُولُ تَعَالَى: وَلَقَدْ مَكَّنَّا الْأُمَمَ السَّالِفَةَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، وَأَعْطَيْنَاهُمْ مِنْهَا (٤) مَا لَمْ نُعْطِكُمْ مِثْلَهُ وَلَا قَرِيبًا مِنْهُ، {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أَيْ: وَأَحَاطَ بِهِمُ الْعَذَابُ وَالنَّكَالُ الَّذِي كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ وَيَسْتَبْعِدُونَ وُقُوعَهُ، أَيْ: فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ، فَيُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى} يَعْنِي: أَهْلَ مَكَّةَ، قَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ الْأُمَمَ الْمُكَذِّبَةَ بِالرُّسُلِ مِمَّا حَوْلَهَا كَعَادٍ، وَكَانُوا بِالْأَحْقَافِ بِحَضْرَمَوْتَ عِنْدَ الْيَمَنِ وَثَمُودَ، وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الشَّامِ، وَكَذَلِكَ سَبَأٌ وَهُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، وَمَدْيَنُ وَكَانَتْ فِي طَرِيقِهِمْ وَمَمَرِّهِمْ إِلَى غَزَّةَ، وَكَذَلِكَ بُحَيْرَةُ قَوْمِ لُوطٍ، كَانُوا يَمُرُّونَ بِهَا أَيْضًا.

وَقَوْلُهُ: {وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ} أَيْ: بَيَّنَّاهَا وَوَضَّحْنَاهَا، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَة} أَيْ: فَهَلَّا نَصَرُوهُمْ عِنْدَ احْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِمْ، {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ} أَيْ: بَلْ ذَهَبُوا عَنْهُمْ أَحْوَجَ مَا كَانُوا إِلَيْهِمْ، {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ} أَيْ: كَذِبُهُمْ، {وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أَيْ: وَافْتِرَاؤُهُمْ فِي اتِّخَاذِهِمْ إِيَّاهُمْ آلِهَةً، وَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا في عبادتهم لها، واعتمادهم عليها.


(١) في ت: "وروى الطبراني بإسناده".
(٢) في ت: "البيوت".
(٣) المعجم الكبير (١٢/٤٢) ، قال الهيثمي في المجمع (٧/١١٣) : "فيه مسلم الملائي وهو ضعيف".
(٤) في ت: "فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>