للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خمسمائة عام، وبين السماء إلى السماء خمسمائة عام، فذلك أربعة عشر ألف عام، وبين السماء السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام، فذلك قوله: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)

القول الثاني: أن المراد بذلك مدة بقاء الدنيا منذ خلق الله هذا العالم إلى قيام الساعة، قال ابن أبي حاتم:

حدثنا أبو زُرْعَة، أخبرنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا ابن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن مجاهد: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) قال: الدنيا عمرها خمسون ألف سنة. وذلك عمرها يوم سماها الله تعالى يوم، (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ) قال: اليوم: الدنيا.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد -وعن الحكم بن أبان، عن عكرمة: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) قال: الدنيا من أولها إلى آخرها مقدار خمسين ألف سنة، لا يدري أحدٌ كم مضى، ولا كم بقي إلا الله، ﷿ (١).

القول الثالث: أنه اليوم الفاصل بين الدنيا والآخرة، وهو قول غريب جدًا. قال ابن أبي حاتم:

حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، حدثنا بُهلول بن المورق (٢) حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني محمد بن كعب: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) قال: هو يوم الفصل بين الدنيا والآخرة.

القول الرابع: أن المراد بذلك يوم القيامة، قال ابن أبي حاتم:

حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن سِمَاك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) قال: يوم القيامة. هذا وإسناد صحيح. ورواه الثوري عن سماك بن حرب، عن عكرمة (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) يوم القيامة. وكذا قال الضحاك، وابن زيد.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) قال: فهذا يوم القيامة، جعله الله تعالى على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة.

وقد وردت أحاديث في معنى ذلك، قال الإمام أحمد:

حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد قال: قيل لرسول الله : (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله : "والذي نفسي بيده، إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا".


(١) تفسير عبد الرزاق (٢/ ٢٥٣).
(٢) في أ: "بهلول بن معروف".