للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: قرئ (١) على يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني شَبيب بن سعد، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "لو رحم الله من قوم نوح أحدا، لرحم امرأة، لما رأت الماء حملت ولدها ثم صعدت الجبل، فلما بلغها الماء صعدت (٢) به منكبها، فلما بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها، فلما بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها. فلو رحم الله منهم أحدا لرحم هذه المرأة". (٣)

هذا حديث غريب، ورجاله ثقات. ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح، ، وهم الذين أمره الله بحملهم معه.

وقوله: (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ) أي: إنك إن أبقيت منهم أحدًا أضلوا عبادك، أي: الذين تخلقهم بعدهم (وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا) أي: فاجرًا في الأعمال كافر القلب، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما.

ثم قال: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا) قال الضحاك: يعني: مسجدي، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها، وهو أنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن، وقد قال الإمام أحمد:

حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا حَيْوَة، أنبأنا سالم بن غيلان: أن الوليد بن قيس التُّجِيبِيّ أخبره: أنه سمع أبا سعيد الخدري -أو: عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد: -أنه سمع رسول الله يقول: "لا تصحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي".

ورواه أبو داود والترمذي، من حديث عبد الله بن المبارك، عن حيوة بن شريح، به (٤) ثم قال الترمذي: إنما نعرفه من هذا الوجه.

وقوله: (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات، وذلك يَعُم الأحياءَ منهم والأموات؛ ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء، اقتداء بنوح، ، وبما جاء في الآثار، والأدعية [المشهورة] (٥) المشروعة.

وقوله: (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا) قال السدي: إلا هلاكا. وقال مجاهد: إلا خسارا، أي: في الدنيا والآخرة.

آخر تفسير سورة "نوح" [ ولله الحمد والمنة] (٦).


(١) في هـ: "لما قرئ" والمثبت من م، أ.
(٢) في م: "فلما بلغ الماء رأسها صعدت".
(٣) وله شاهد من حديث عائشة رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٣٥٩١) والحاكم في المستدرك (٢/ ٣٤٢) من طريق سعيد بن أبي مريم، عن موسى بن يعقوب، عن فائد مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع: أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة أخبريه أن رسول الله قال: "لو رحم الله من قوم نوح أحدًا لرحم أم الصبي" وذكره نحوه، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "إسناد مظلم، وموسى بن يعقوب المذكور في إسناده ليس بذاك".
(٤) المسند (٣/ ٣٨) وسنن أبي داود برقم (٤٨٣٢) وسنن الترمذي برقم (٢٣٩٥).
(٥) زيادة من م.
(٦) زيادة من أ.