للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا) كقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] وكقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا﴾ [المزمل: ١ - ٤].

ثم قال: منكرًا على الكفار ومن أشبههم في حُبّ الدنيا والإقبال عليها والانصباب إليها، وترك الدار الآخرة وراء ظهورهم: (إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلا) يعني: يوم القيامة.

ثم قال: (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ) قال ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد: يعني خَلْقَهم. (وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلا) أي: وإذا شئنا بعثناهم يوم القيامة، وبَدلناهم فأعدناهم خلقا جديدا. وهذا استدلال بالبداءة على الرجعة.

وقال ابن زيد، وابن جرير: (وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلا) [أي] (١): وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم، كقوله: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ (٢) قَدِيرًا﴾ [النساء: ١٣٣] وكقوله: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ [إبراهيم: ١٩، ٢٠، وفاطر ١٦، ١٧].

ثم قال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ) يعنى: هذه السورة (تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا) أي طريقا ومسلكا، أي: من شاء اهتدى بالقرآن، كقوله: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ [النساء: ٣٩].


(١) زيادة من م.
(٢) في أ: "وكان الله على كل شيء" وهو خطأ.