للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ يعني: جمعناه في الرّحِم، وهو قرار الماء من الرجل والمرأة، والرحم معد لذلك، حافظ لما أودع فيه من الماء.

وقوله: ﴿إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ يعنى: إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر؛ ولهذا قال: ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ * ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.

ثم قال: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا﴾ * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) قال ابن عباس: (كِفَاتًا) كنَّا. وقال مجاهد: يُكَفتُ الميت فلا يُرَى منه شيء. وقال الشعبي: بطنها لأمواتكم، وظهرها لأحيائكم. وكذا قال مجاهد وقتادة.

(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ) يعني: الجبال، أرسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب.

(وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا) عذبا زُلالا من السحاب، أو مما أنبعه الله من عيون الأرض.

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي: ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها، ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.

﴿انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠)

يقول تعالى مخاطبا للكفار المكذبين بالمعاد والجزاء والجنة والنار، أنهم يقال لهم يوم القيامة: (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) يعني: لَهَبَ النار إذا ارتفع وصَعِدَ معه دخان، فمن شدته وقوته أن له ثلاث شعب، (لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) أي: ظل الدخان المقابل للهب لا ظليل هو في نفسه، ولا يغني من اللهب، يعني: ولا يقيهم حر اللهب.

وقوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) أي: يتطاير الشرر من لهبها كالقصر. قال (١) ابن مسعود: كالحصون. وقال ابن عباس وقتادة، ومجاهد، ومالك عن زيد بن أسلم، وغيرهم: يعني أصول الشجر.

(كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ) أي: كالإبل السود. قاله مجاهد، والحسن، وقتادة، والضحاك. واختاره ابن جرير.

وعن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: (جِمَالَةٌ صُفْرٌ) يعني: حبال السفن. وعنه -


(١) في م: "قاله".