للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حمزة، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: الروح: في السماء الرابعة هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله من كل تسبيحة مَلَكًا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفًا وحده (١)، وهذا قول غريب جدًا.

وقد قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله بن عرْس المصري، حدثنا وهب [الله بن رزق أبو هريرة، حدثنا بشر بن بكر] (٢)، حدثنا الأوزاعي، حدثني عطاء، عن عبد الله بن عباس: سمعت رسول الله يقول: "إن لله ملكا لو قيل له: التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة، لفعل، تسبيحه: سبحانك حيث كنت" (٣).

وهذا حديث غريب جدًا، وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفًا على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات، والله أعلم.

وتَوَقَّفَ ابنُ جرير فلم يقطَع بواحد من هذه الأقوال كلها، والأشبه -والله أعلم-أنهم بنو آدم.

وقوله: (إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ) كقوله: ﴿لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ [هود: ١٠٥]. وكما ثبت في الصحيح: "ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل".

وقوله (وَقَالَ صَوَابًا) أي: حقا، ومن الحق: "لا إله إلا الله"، كما قاله أبو صالح، وعكرمة.

وقوله: (ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ) أي: الكائن لا محالة، (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا) (٤) أي: مرجعا وطريقا يهتدي إليه ومنهجا يمر به عليه.

وقوله: (إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا) يعني: يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا، لأن كل ما هو آت آت.

(يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) أي: يعرض عليه جميع أعماله، خيرها وشرها، قديمها وحديثها، كقوله: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا﴾ [الكهف: ٤٩]، وكقوله: ﴿يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣].

(وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا) أي: يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا ترابا، ولم يكن خُلِقَ، ولا خرج إلى الوجود. وذلك حين عاين عذاب الله، ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سُطَّرت عليه بأيدي الملائكة السَّفَرة الكرام البَرَرة، وقيل: إنما يود ذلك حين يحكم الله بين


(١) تفسير الطبري (٣٠/ ١٥).
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) المعجم الكبير (١١/ ٩٥)، والمعجم الأوسط برقم (٦٦) "مجمع البحرين"، وقال في الأوسط: "لم يروه عن الأوزاعى إلا بشر، تفرد به وهب"، ووهب لم أر من ترجم له.
(٤) في م: "سبيلا" وهو خطأ.